Heart of love
مرحبا بك عزيزي الزائر انت لست مشترك بالمنتدى نتمنى ان تسعدنا باشتركك بمنتدانا



رواية القلب النازف كاملة Mr7balf

رواية القلب النازف كاملة 848
Heart of love
مرحبا بك عزيزي الزائر انت لست مشترك بالمنتدى نتمنى ان تسعدنا باشتركك بمنتدانا



رواية القلب النازف كاملة Mr7balf

رواية القلب النازف كاملة 848
Heart of love
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Heart of love


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية القلب النازف كاملة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Stop Ana Top
Admin
Admin
Stop Ana Top


رقم العضويه : 1
انثى عدد المساهمات : 113
نقاط : 32246
المستوى : 3
تاريخ الميلاد : 12/07/1996
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
العمر : 28
الموقع : saja
العمل/الترفيه : طالب
المزاج المزاج : cooOOooOOooOOool

رواية القلب النازف كاملة Empty
مُساهمةموضوع: رواية القلب النازف كاملة   رواية القلب النازف كاملة Emptyالأربعاء يوليو 28, 2010 3:36 am

"شعار"

عقبة القلب النازف

.......................................................................
أي عسير النازف.. أزف إليك تهاني رحيلي.. أزف إليك رحيل قلبي الذي تمزق تحت سماءك.. أزف إليك تهاني جنازة روحي لتدفن بعيدا عن تراب أرضك.. شعرت بالحب والكره بين أرجاءك.. أبدعت وفي المقابل تحطمت.. وتمنيت وخاب رجاءي.. عشقت وهلكت.. ومازلت يا عسير.. عذرا.. أعني " شعار" عقبة قلبي النازف..
تلك العقبة المليئة بالـ"كباري"..كم أهرقتني تلك الـ"إكسات" المرسومة كحضارة فرعونية منحوتة..
"انهار الجبل".. "حادث بوسط الـ (كبري)".. عبارات ترددت حتى أصبحت كابوسا يؤرقني.. " لا كهرباء.. والحر قاتل" عبارة أثارت شجني..
إلاهي.. كم تناثرت قطرات عرقي الشفافة على جسدي الناعم في محافظة "محايل النازف".. محايل الذي بشماله قريتي.. قريتي التي ما ذقت طعم الانتماء اليها.. قريتي قرية قلبي النازف..
أتراني أقول هذا بعد أن سكنت بكندا.. أتراني أتكبر على أرضي ومسقط رأسي.. أتراني أتذمر من حياتي القديمة..
"اللي ما له ماضي ماله حاضر" لطالما رضيت أن أكون بدون حاضر .. لطالما خدعتني المظاهر.. و جذبني بريقها الزائف.. لطالما عشقتك يا كندا.. ورغبت السفر إليك.. لكن.. أيقنت حينما هبطت على أرضك.. ادركت أنك "كندا النازفة " كعسير النازف وعقبة قلبي النازفة.. وأدركت أن قلبي نازف حتى على سطح القمر..
...........................................................
كنت اراقب أمي وهي "تمز" السجائر.. سجاره وراء سجاره.. ووالدي الملتحي يشتريه بنفسه لها.. كم حاولت تجربتها.. لكنها لم تتركني افعل ذلك.. عشرون سنه أمام ناظري.. تلك المرأة وقد بلغت الخمسين.. تمز السجائر لتصنع مع الظروف ابداعي واستعبادي.. طموحي وتحطيمي.. أملي وألمي..
لطالما عشقتك يا كندا.. لأبتعد عن أسره ظننت انها اهملتني.. لطالما استبعدت وصولي إليك ولو بالأحلام.. عقليتي المبدعة.. وظروفي المادية القاتلة.. وحظي الذي يتعاون مع أقدار الزمن ليقهرني..
حظي الذي جعلني اتنازل عن كل شيء في حياتي الا انت.. معاذ الذي كتبت فيك روايتي .. وأفصحت للمرة الاولى عن حبي لك.. تمنيت ان اخسر كل شيء أملكه الا انت ..
أرسلتها لك مع والدك لتقرأها.. لتعرف بما اعاني.. أحببتك دون ان تعلم.. وشعرت بك دون ان تشعر.. ربما اردتني كما اردتك لكنه القدر.. وحظي العاثر..
...............................................................................
منذ عشرين سنه استيقظ على رائحة سيجاره نتنه.. لأقضي معظم وقتي الصباحي أمام المرآة.. ومع صباح أبها الصحو.. ينزف قلبي دون أن أعلم.. ليبدأ الجرح ولأنزف بلا حدود..
لطالما رددت تلك العبارة كل ليله" غدا يوم أجمل" ظننت حقا أنه سيأتي اليوم الأجمل.. أحببت جامعتي.. لوحاتي.. اشعاري.. كنت متفائلة.. كنت سعيده.. كنت في قمة السعادة حتى تزوجت.. أجل تزوجت يا معاذ وانت الشخص الذي تمنيت فعلا ان ارتبط به..
زواجك جعلني انظر لكل شيء بعينين نازفة.. زواجك قتلني.. بعدي عنك عذاب.. وقربي منك هلاك.. احببتك مع انك عشت طوال حياتك بعيدا في الاحساء .. تعذبت بحبك رغم بعد المسافات وتزوجت لتقترب مني.. وتتنفس معي جو أبها فكان هلاكي..
زواجك قلب حياتي الى جحيم.. وعلى الرغم من ايماني بمسألة النصيب.. لم اقتنع بأنك لست من نصيبي.. وكنت ادعو عليك في داخلي بأن تكون تعيسا.. لتعود الي.. و تكون ملكي..
.......................................................................
رن هاتفي المحمول.. كانت صديقتي فاديه.. رقصت مع نغمة جوالي بأسى ثم رديت:
- آلو..
- سوسو؟؟
- ايه سوسو.. ما عرفتيني يا فدو؟؟
- صوتك اختلف علي .. انتي تعبانه؟؟
بمجرد احساسي بمعرفتها عن تعبي صمتت لأمسح دموعي النازفه على خدي واصطنعت الضحك وقلت:
- تعبانه شوي..
- كأنك تبكين..
- أي بكاء.. لا ما أبكي.. اطمني..
- بس بصراحه سوسو.. صوتك يهبل وانتي تعبانه.. اش ها النعومه..
- خلاص اذا يرضيك رح اتعب ع طول..
- سلامتك.. الا قولي لي.. ما قمت تكتبين شعر بعد ما تخرجنا من الجامعه.. كنتي تخبريني عن جديدك اول بأول..
- والله يا حبيبتي بعد ما ارسلوني باول طيارة قصدي مدفع الوزاره على قريه مدري وين بالسعودية.. ما قمت افضى اسوي الا اساسيات حياتي..
- سوسو.. ما عودتيني تكونين محطمه.. وين طموحك.. نسيتي روايتك اللي كتبتيها ومعارضك اللي الكل تكلم عنها.. تكفين لا ينقطع ابداعك..
مع الاسف تحملت كثيرا الا انني انفجرت باكيه.. وفادية تحاول معرفة ما يحصل لي.. سكتت تستمع لبكائي.. وانا بطبيعتي لم اشكو لها منذ ان تعرفت عليها.. الا هذه المرة.. صحت بالسماعة:.." فادية انا قدمت ع البعثة وترشحت لها.. بس اهلي رفضوا.. حاولت قد ما اقدر.. بس عييوا.. قلت لهم بدل الاربع سنوات اللي انا متغربة عن ابها بعيد عنهم.. امشي ع الجلد.. صحتي راحت ونفسيتي انعدمت.. وهم ولا حاسين.. ع بالهم انا آله.. يحطوني وين ما يبغون.. الكل وافق.. الا اخوي.. تركني الين جهزت كل شي.. وراح يقول لأهلي.. انا متبري منها.. لانها رح ترجع وهي حامل.. تخيلي يقول هالكلام.. "
كنت أتأوه.. أبكي بحرقه.. كنت المبدعة والطموحة.. كنت المتميزة التي بعثت الحماس بقلوب الآخرين.. وفي النهاية تدمرت.. بعد حلمي بالحياة في كندا..ها أنا اصارع الحياة في قرية "غرغرة" الترابية.. مع أهلها البسطاء..
انا الكاتبة التي يسعى القراء للحصول على توقيعي.. انا الفنانة التي يسعى الجميع لاقتناء لوحاتي.. لطالما بعثت الأمل في قبلك يا فادية.. أغلقت الخط.. لم أعد احتمل سماع انفاسها التي تكلمت بدلا عن صوتها.. اسندت ظهري على المرتبة.. وأضفت حديثا مؤلما بيني وبين نفسي.. " كانت أمالي عليك يا معاذ.. لترحل بي الى كندا....." قطع تفكيري اصابع والدي التي تدق على زجاج السيارة برفق.. غطيت عيني الدامعة.. وفتحت له الباب..
مرت نصف ساعة ونحن صامتون.. وهذه عادتي بالسيارة.. سأل والدي يقول:
- ليه ما تاكلين؟؟
- رح آكل.. بس انت اشبك ساكت!!
- هه.. انتي اللي ساكتة.. قلت ما ازعجك.. شكلك تعبتي من الدوام والطالبات.. يله اليوم ربوع.. انسي هالـ"غرغره" وخل نروح ابها ننبسط هناك مع الاهل..
لما ازلت الغلاف الورقي عن الساندوتش , انسدت نفسي لما قال والدي:
- معاذ ولد خالك مرتاح مع زوجتة..
- ماشاء الله الله يهنيهم..
- بس خالك يشتكي منها.. يقول لاعبة في حسبته..
- سمعت انه هو يحبها كثير..
- يموت فيها.. بغى ينجن عشان يتزوجها.. بس مشكلة الحرمة اذا عرفت ان زوجها يحبها.. خلاص تصعب السيطرة عليها..
ذرفت دموعي دون ان اشعر بها.. كنت اسمع والدي يكمل حديثه عن سفرهم سويا الى استراليا.. كانت الدموع تحجب الرؤيا بيني وبين والدي.. اظنه سمع شهيقي غير انه تجاهله.. بكيت ليس لحبه.. بل على حالي.. اسكن في منزل شعبي في ابها.. واقضي اجازاتي بقريتي في "محايل النازف" والآن ادرس في "قرية غرغرة".. وانت يا معاذ.. ايها الحلم الذي تمنيت ان يوقظني من كابوس حياتي الأليمة رحلت بلا عودة.. وتركتني لأصارع عذابات حياتي وحيده..
....................................................................................
جلست على احدى طاولات بمطعم "مركز عسير مول " بأبها.. وصلت صديقتي وجلست على الطاولة.. بينما أخي على الطاولة الأخرى.. كنت اتمنى ان أحضنها لكن الوضع لم يسمح بذلك.. كنت أتأمل المارة بينما هي تمهد لبداية
الحوار معي قلت لها: ورده.. تكلمي.. اش الموضوع اللي تبغين تقولينه..
- كنت ابغي اشوفك بس..
- تعلمينني فيك يا ورده.. المهم كيف اهلك وافقوا انك تقابليني..
- خليها على ربك.. بالقوة اقنعتهم.. بس انتي ليش ما تجين البيت..
تهربت من الموضوع وقلت لها بعد ان اخرجت مجموعه من الاوراق وقلت "إقرأي.. هذا آخر ما كتبت" قرأت الابتسامة في عينيها من تحت النقاب.. ونطقت بهدوء" شعرت بحبك.. احسست بألمك.. وعشقتك حتى الممات.. قفزت إليك.. أدركت عينيك.. واستنشقتك كالهواء.. تلمست يديك.. عانقتك بحنان.. لأغرق بين خصلات شعرك.. أحبك.. أجل أحبك....." سكتت ورده وقالت:
-احساسك غريب يا سلوى.. تتغزلين ببنت.. بديت أشك انك ولد..
تبسمت ثم مددت يدي اليها وضغطت على يدها.. وقلت بمكر" هذي الحقيقة اللي اخفيتها عنك.. انا فعلا ولد.. هههههههه" ضحكت تقول:
- لا تلمسين يدي.. نسيت انك كنتي شاذة ايام الجامعة.. كنتي اغراء لبنات الجامعة.. الله اكبر عليك اش كثر قطعتي قلوبهم عشانك..
- ذكرتيني.. ههه..
- كنت دائما أسألك كيف تخققينهم.. وما تقولين لي كيف..
- سر المهنه..
أجل ..كنت أعرف كيف أجذب أنثى.. لكن لم أعرف كيف حصلت زوجة معاذ على حبه.. وكالعاده.. ورده لا تقابلني الا بوجود شيء يؤرقها.. إما للحصول على شريحه مجهولة.. أو لشراء أغراض لا تستطيع طلبها من أهلها.. مع انها تفوقني ماديا.. الا ان والديها متحفظين للغاية.. لكن لكل شيء مقابل.. هي تعرف ما احتاج اليه.. وستنفذه.. اقتربت بكرسيها مني.. وبدأت تتكلم بنعومة.. هي صديقتي لكن في بعض الاحيان التي احتاج الى حنان.. تصبح حبيبتي.. لكن ببراءه.. ذرفت دمعتين أمامي.. ووضعت رأسها على صدري.. أحطتها بذراعي فقالت" سلوى تكفين.. أحتاج حبوب مخدره.. ما عد اقدر اتحمل مشاكلي أكثر.. انا أموت كل يوم ..
- انتي تعرفين رأيي في ها الموضوع.. مستحيل أدمرك بيدي..
- اهلي كشفوني وانا اتفق مع الولد على وين نتقابل عشان آخذ منه الحبوب.. وسحبوا مني الجوال.. وما اقدر اوصل له.. بس ابغاك تخليني اكلمه عشان اعرف وين آخذ الحبوب.. وخلي الباقي علي..
- ورده.. انتي تستخدمين الحبوب من متى!!
قلتها وأنا أرفع رأسها تجاهي.. التقت عيني بعينها.. حركت رمشيها وقالت:
- لين الحين.. لا.. بس ابغاها.. رح اموت من المشاكل.. ابغى انسى..
- رح تزيد همومك يا ورده.. ما رح تستفيدين شي.. رح تدمنين.. وتتبهذلين.. اش هالجنان..
دفعتها عن صدري.. فتمايلت على كتفي.. وقالت:
- ما رح استنى لحد الادمان.. رح آخذها دفعه وحده.. عشان ابي امووووت..
بدأت تبكي باندفاع.. هي في غير وعيها.. بالتأكيد.. انا أتلكم مع فتاة لا أعرفها.. ليست ورده التي عرفتها منذ ثمان سنوات.. احطت رقبتها بذراعي.. لأحضنها بينما انتفضت عندما لمحت أخي يقترب منا من بعيد.. أشرت له بأن يذهب بينما تكلمت:
- علمني طارق.. كيف اسوي خمر بالبيت..
- طارق اللي بالشات؟؟.. يعني ما تركتي الشات زي ما وعدتيني!!
- طارق رحمني.. وانتي ما رحمتني.. رح الجأ لها الحل.. دام انتي ما رح تساعديني..
- ..
- لا تقولين شي يا سوسو.. انا عارفه انك تسوين كذا عشان مصلحتي.. خلاص.. ما ابغي تعبك أكثر..
وقفت.. ووقفت معها ورفعت حقيبتها.. مشيت معها إلى المصعد.. وهناك.. لمعت عينيها .. وقالت" أحبك .. سوسو" قفزت إلي لتحضنني.. وتركتني خلفها..
.........................................................................
جلست اختي الصغرى نادين التي تدرس بالصف الاول ثانوي.. تفتش بحقيبتي.. وتأكل ما بها من حلويات دون إذن.. كنت اتبسم لها.. وهي تأكل.. في كل مره تزداد بدانتها.. وبعد ان تنهي أكل الحلويات.. تسأل كعادتها بعد ان تستعرض بطولها :
- سلوى.. انا نحفت؟؟
وفي كل مرة تسألني أكذب عليها وأقول لها " ايوه نحفتي" لانني لو جاوبت بغير هذه الاجابة ستعتبره موضوع شخصي.. رائعه يا انتي يا نادين.. كم اشتقت لملامحك الباكستانية وشعرك الاشقر.. تبسمت كعادتها وقالت بخجل:
- سلوى.. سمعت ابوي يقول انه في واحد خطبك؟؟
- طبعا اكيد شريف من اشراف عائلتنا.. هه
- يعني ما تبغين تتزوجين؟؟
- انتي شايفة احد فالح من العائلة الكريمة تقدم لي ورفضت!!
- أوه صح..
- خطبني واحد يشتغل بإدارة تعليم ابها.. وقال يبي وحده مثقفة.. تخيلي قال بيكتب البيت بإسمي .. عمرك شفتي سعودي جنوبي يسوي كذا.. وبلآخر ابوي رفض..
- طيب ليش ابوي يسوي كذا..
- اسأليه؟؟
- لا بجد ليش؟؟
- يخاف على عرقنا النبوي لا يصير فيه شي..
- استغفر الله.. اقول لك شي.. بس لا تتحطمين..
- قولي..
- خطبك واحد قبيلي بس مو من قبيلتنا.. من مواليد لندن.. وعايش بلندن.. ورفضه ابوي.. اصلا ما رد عليه حتى..
امتلأت عيني بالدموع.. وقلت:
- مو جديد.. رفض اللي كان بيعشني زي الملكة.. خل يرفض هذا.. مو بأحسن منه.. بس ليش رفضه..
- سمعت امي تقول ان اصله من رجال المع اللي يلبسون"وزرة وقميص"
- ههههههههه.. بالله.. يعني محايل افضل من رجال المع.. كلهم زي بعض.. ترحمنا امي ..
قطعت والدتي الحوار الذي يجمعني بنادين.. وجلست معي.. أشارت لنادين فخرجت
وقالت لي بعاطفة الأم الرءوم..
- سلوى يا حبيبتي.. انتي رفضت ولد عمك بدون سبب ورفضتي ولد عمك الثاني بدون سبب.....
- بدون سبب!! الاول وجهه يسد التفس.. وانا حلوه.. واش ذنبي اتزوج واحد بشع.. من حقي اتزوج واحد حلو.. والثاني راعي غنم.. وبيسكنني في الـ"عشة".. امي حرام عليك.. ارحميني..
- يا بنتي الثالث مافيه عيب.. ولد عم ابوك.. (مرعي)..
- أيـــــــــــش!!! امي هذاك عمره 45 سنه.. يشتغل فراش.. كيف بنعيش.. امي لازم يكون فيه تكافؤ.. انتي ناسية انا ايش وهو ايش؟؟
- يا سلوى خل عنك الكبرة.. هذا رزق من الله لا ترفضينه.. وبعدين رح تعاونينه بوظيفتك.. يقول رح يترك شغل الفراش ويصير لك سواق يوديك ويجيبك.. اش عاد تبغين..؟؟ اش قلتي!!
- يعني اصرف عليه.. ما خبرتك قاسية يا أمي.. اش هذا اللي تسوونه فيني... ما ابغاه.. ما رح اتزوجه..
- ترى ابوك بدى يشك في وضعك؟؟
- يعني ايش؟؟ بيغصبني اتزوج؟؟ خل يغصبني.. والله لأسويلكم فضيحة.. انتم تعرفوني انا قد كلامي.. المرة اللي فاتت لقيتوني وانا احاول انتحر ومنعتوني.. المرة هذي والله.. لتلقوني ميتة خالصة..
- تقولين هذا الكلام لأمك.. خلاص.. انتي رح تجنين اللي تسوينه..
خرجت امي وانا اتذمر "عائلة نكد.. اجيكم عشان ارتاح.. وتنكدون علي.."
.................................................................................
أتذكر عندما وصلني المسج بجوالي.."ستهطل أمطار غزيرة بمدينة (أوتاوا) بعد يومين.. نود اعلامك بأن الكهرباء ستنطفئ خلال فترة المطر.. نعتذر لإزعاجكم ونرجوا..بقاءكم في المنازل للحفاظ على سلامتكم"..
"أوتاوا" العاصمة الكندية.. أتذكر عندما كان قلبي يخفق فرحا لما مشيت أول خطواتي بالمطار.. التاج الأحمر المرسوم على علم كندا.. وشعار أوتاوا الأخضر المزرق.. وكأنه علامه تشير إلى تلك المدينة الهائلة الطبيعة..
ظلمة المنزل تلك الليلة وانطفاء الشموع.. أعاد بي الذاكرة إلى الوراء.. عندما كنت بمحايل النازف.. فوق سطح منزلي بقريتي النازفة.. كنت أقضي إحدى إجازات آخر اسنة.. والكهرباء منطفئة لمدة 3أيام لعدم وجود "فيوز" يكفي جميع منازل القرية.. في شهر رمضان المبارك.. كنا نبكي من الحر الذي قطر بجميع السوائل التي تحتويها أجسامنا....
كان انطفاء الكهرباء.. بالنسبة لي اعلان لبداية كتابة روايتي.. كنت أمسح عرق
جبيني وأكتب رواياتي.. أكتب عن عوالم مختلفة.. أقضي ليلي بالسهر لأشعر بالبرد الذي اكتب عنه على شاشة حاسوبي بينما أقطر عرقا.. وأنتهي إذا اقترب الفجر.. لأرى خط الانطلاق لبدء الصباح.. بعد أن كانت النجوم تشهد وفاءي للكتابة.. ما أكبر الفرق..
..................................................................................
سألني أخي عبدالرحمن ذات يوم.. عن إحدى صديقاتي المنتمية إلى الطبقة المخملية.. بعد أن سمعها تتكلم عن شكلي وأناقتي على سماعة الهاتف.. "يسرا" التي التقيتها لما تركنا الجامعة واتجهنا الى لنخضع للإختبار الميداني.. تلك الفتاة.. التقيتها وأنا أقسم أن لا أتكلم معها.. لبعد المستوى المادي بيننا..
كانت خفيفة ظل.. دافئة لسان.. حنونة وطيبة.. إختلط الجميع بها إلا انا.. كنت ارى فيها غرورا يختبئ خلف شخصيتها المحبوبة.. اقتحمت هدوءي.. وكسرت حاجز صمتي.. ذات يوم .. سكبت لي فناجنا من القهوة و اقتربت تقول:
- عادي ارقمتس.. يا حلو..
ابتسمت بخجل: طبعا..
- انتي من وين؟؟
- بني شهر.. وانتي؟؟
- من الرياض.. من عائلة المنصوري..
ابتسمت يسرا بمكر وقالت: يله دام تعرفنا.. خل نتمشى شوي بالساحة
ضحكت ثم قلت: كأنك ولد.. اش هالتصرفات..
- ههه وانتي كأنك بنت.. اقول.. طسي بس..
ضحكت كثيرا من كلامها الخفيف الظل.. بينما سحبتني بيدي إلى الخارج.. وأخذت جوالها معها.. وبدأت تقلب الصور.. تقول:
- شوفي.. هاذي صورتي وانا لابسه قبعة الـ"كوبوي".. وهذي يوم كنا.....
كانت تتكلم معي بسهولة.. ولما إنتهت.. عادت إلى نفس الموضوع:
- عادي ارقمتس..
هزت كتفي بقوة وهي تقول" يله قولي عادي.. يله"
- شوي شوي علي.. طبعا عادي..
تفاجئت بها تحضنني بقوة لصدرها.. قزامتي جعلتني أصل إلى عنقها.. ابتسمت تقول: ملامحتس تذكرني بالـ"تشينيز"
- هاه.. "تشينيز" دايم يقولونها..
- بس بصراحه تهبلين.. تشبهين جميلاتهم.. شعر منسدل.. عيون ناعسة....وأكثر شي لبتستس.. الظاهر انتي متأثرة بحضارتهم..
- بصراحه انا اقلدهم.. يعجبوني الشرق بصفة عامة..
.................................
تسألني عن يسرا يا عبد الرحمن .. تسألني عن سبب انقطاع علاقتي بها.. ماذا عساي أن أقول.. هل تريد أن أخبرك ان السبب لأحافظ على كرامتي أمامها.. لأصبح في نظرها خائنه لصداقتها أهون من أن تنظر إلي بشفقه.. هل أخبرتك لما عرضت علي التوصيل الى المدرسة بواسطة سائقها الشخصي وان اهلي تكلموا في شرفها وانها غير متربية.. هل أخبرك عن منزلها الذي تبلغ مساحته أضعاف منزلنا المليئ بالعقارب.. أتريدني أن أستضيفها .. هل تتوقع أنها ستشرب القهوة وهي ترفع ثوبها عن الصراصير.. ماذا سأقول لها عندما تفتح صنبور المياة و يخرج الدود من الصنبور.. عندما تطلب رؤية غرفتي.. هل أخبرها أنني أنام كل يوم وأنا خائفة من خروج الأفن.. لأن المزرعة المقابلة لمنزلنا قريبة من غرفتي..
تسألني يا عبد الرحمن وكأنك لا تعيش معي بنفس المنزل..
.....................................................................................
لست اعرف لماذا فز قلبي عندما سمعت بطلاقك لزوجتك يا معاذ.. لا أعرف لماذا تذكرت ذلك اليوم الذي باركت فيه لزوجتك بصوتي النازف.. وحضرت زواجك لأراها بعيني النازفه.. كنت سعيده من أعماق قلبي.. كنت اسمع عن عذابك.. عن المك.. وحبك المستحيل.. وتضحيتك.. 3 سنوات لم يبرأ جرحك.. كنت كالمجنون الذي لا يتحمل البعد عنها.. كنت اسمع عن مراقبتك لمنزلها.. كنت احرضها عليك عندما تتذكرك امامي.. كنت أؤمن بأنك نصيبي يا معاذ.. ولم أتخيل يوما.. ان اكون زوجة لأحد سواك..
......................
لم أكد اصدق أذني لما أخبرني والدي بخطبتك لي.. أخبرني وهو في قمة اليأس.. أخبرني وهو يتوقع ان أرفض الزواج من شخص عاشق.. ظن انني سأكون بتولاً.. قاطعته قبل أن يكمل الخبر.. وقلت "موافقة.. موافقة"
لم يبارك لي أي احد.. الكل ينظر إلي بشفقة..لانني انني سأتزوج من
مجنون.. لم اكترث.. لما قالوا.. أخبروني الوشاة أن أهله لم يتقدموا لخطبتي إلا لأنه رشح للبعثة.. ظنوا أنني سأتنحى عن رأيي.. ولم يعرفوا أنه سر حبي له .. أجل.. أدركت هذه الحقيقة من اليوم الذي عقدت القران.. طوال الشهر السابق ليوم الزواج لم يتصل.. ولم يزرني..
كنت متأكدة أنني أستطيع إمتلاك قلبك يوما ما.. لكن لم أعرف انني بمجرد حصولي على قلبك سأفقدك..
لم أخجل منك بيوم زواجي.. قلت اننا سنتجه إلى المطار فركضت قبلك إلى السيارة.. وكأنني تزوجت كندا.. كنت طوال الرحلة ملتصقة بزجاج الطائرة ولا سيما أنها المرة الأولى التي اركبها..
كنت أعد الساعات لأصل.. إلا أن سهر ليلة كاملة.. جعلني أغفو.. وأستيقظ انا وأنت على صوت الاعلام بالوصول إلى العاصمة الاقليمية "أتاوا" كنت أنتظر وصولنا .. ليس إلا لأناقشك بالدراسة معك في الجامعة.. وكأن زواجي ليس إلا صفقة تجارية..
....................................
شعرت بأصابعك بداخل شعري.. رفعت رأسي إليك.. وأنا أرتب أوراقي لأسجل بالجامعة.. ابتسمت وأنت تحمل إحدى لوحاتي بيدك وقلت لي:
- رووعة.. ترسمينني..
- إذا كنت تبغى.. رح ارسمك..
جلست بجانبي على السرير.. أطلت النظر إلي .. شعرت أنك تتأملني.. سألتني:" لماذا أغلب اللوحات نساء.. بجميع الأشكال والألوان" تذكرت ورده لما قالت" سوسو إنتي شاذة " أجل كنت كذلك يوما ما.. كنت أرسم الفتاة التي أعشقها ببراءة.. ابتسمت ولم أنطق..
........................................
كانت الأيام الأربع الأولى لزواجنا في غاية الملل.. كنت تقنعني بأن نلتقي بعائلة صديقك القصيمي وزوجته.. لم أوافق إلا من أجلك.. كنت أراك تموت معي.. وترغب بالخروج وتمضية الوقت لحين بدء الدراسة.. وافقت.. لبست عباءتي وأنت تنظر إلي وقلت: كبرتي بعيني.. زوجة بدر ما تتغطى
- بكيفها زوجة بدر.. المهم أنا..
.....................................
حزنت لأن زوجة بدر مريضة أن ذلك القاء المحدد لم يتم.. كنت تخجل أن
تقول لي أنك سئمت المكوث في المنزل.. مع أنني أسعد بوجودك.. لكنني أرعي مشاعرك..
رأيتك تحادث والدتك وتبكي بحرقة.. أثرت فيّ.. حاولت جعلك سعيدا دون جدوى..لست أشعر بالرغبة في الاقتراب منك.. ولا بالمتعة معك.. فقط أشعر بأنني مدينة لك بتحقيق أمنيتي..
ربما لأن زواجك قتل في كل أمل أو ربما ان قلبي لا يملأه إلا الفتيات.. لست أعرف..
قررت أن أقطع الملل الذي يملأ قلبك.. فكرت بأن أتصرف كزوجة.. إقتربت منك وأنت تذرف الدموع دون أن تنتبه لوجودي.. دائما أتعاطف مع أي شخص يبكي.. دائما أظهر مواساة رائعة.. وكأنني أمثل دور مكسيكي..
وقفت خلفك.. وأحطت عنقك بذراعي.. وأسندت رأسك إلى صدري.. كنت تبكي أكثر وأكثر.. قلت لك:" أنت تتعذب يا معاذ.." استدرت ووجلست على الأرض بينما كنت على الكنبة.. إتكأت على ركبتيك.. وضغطت على يديك.. كنت ابتسم لك.. أطلت النظر إلي.. لم أشعر بخجل أبدا.. كنت أمثل.. ماذا يتوقع أن تكون إثنين مجروحين من وطن قامع..حب مفقود.. او موجود لكن ذبلت وردة لذته.. بالتأكيد.. ستكون علاقة باردة كالتي تجمعني بك الآن يا معاذ.. نهضت بمجرد توقفك عن البكاء.. أمسكت بساعدي .. وقلت بحزن: " خلك كذا ع طول.. قلبي ينزف.. أحتاجك يا سوسو"
.......................................................................
الكل يناديني بمدينة " أتاوا" سالي.. لا أحد يعرف كيف ينطق سلوى.. أعجبني الاسم وراقني كثيرا.. لدرجة أنني طلبت من معاذ أن يدعوني به..
وفي تلك الليلة التي ستبدأ دراستك أنت باليوم الذي يليها.. كنت في قمة السعادة.. حزنت لأنك لست حزين ببعدك عني.. جئت وجلست بالصالة معك.. وإتكأت على كتفك.. ابتسمت لي .. تلمست كتفي.. قبلتهما لأول مرة.. وقبلت يدي.. وقلت لي : أنتي أحلى وحده شفتها بحياتي.. انتي حلوة كثير يا سالي.. .. .. .. .. لا أعرف ماذا جرى لك وقفزت إلي على غير عادتك.. وضممتني إليك.. وأنت تقول: أعشقك.. يا زينب.. أعشقك..
ابتسمت لك متظاهرة بعدم سماعك تناديني بإسم زوجتك السابقة بينما اتربكت أنت.. وابتعدت عني لما التقت عيني بعينك.. فقفزت انا إليك.. لأمثل عدم سماع
أي شي.. أمسكت بيدي وانت تقول: اش تعرفين عني يا سالي.. اش كانت فكرتك عني قبل تتزوجيني..
- ..
- ليش سكتتي؟؟
كان الارتباك واضح على وجهك.. تظن أنني سأقول ما كان يقال عنك.. جاوبتك بداخل قلبي" كنت أحبك .. حب مجانين.. لكن ألحين.. ما أعرف اش سبب البرود.. " همست بإذنك.. : مدري.. ابتسمت لي تقول : كيف ما تدرين..؟؟" قلت بقلبي أيضا: حبيتك حتى مليت من حبك.." مثلت أنني خجلانه منك.. ووقفت فأمسكت بساعدي وأجلستني بحضنك ثم قلت لي: " بتقضين اللية هنا"
.................................................................
مضى شهر منذ أن بدأت الدراسة.. .. كنت تعود كل يوم وانت متوتر.. عصبي.. متعكر المزاج.. أتذكر عندما حاولت ان افهم ما يحدث لك.. لم تكن تجيب أسألتي.. قسمت يومك إلى 4 أجزاء.. جزء خارج البيت.. وجزء لبدر.. وجزء على شاشة الحاسوب.. والجزء الآخر ترتمي على السرير.. لتتركني أصارع عذابات الوحدة..
....................
تلك الليلة عدت لي محمر الوجه.. وثيابك مقطعة.. والدماء تسيل.. دخلت إلي.. سألتك :" اش فيك.. اش صاير" التصقت بي تقول:" انا تعبان.. تعبان .." أجلستك على الكنبة وأحضرت لك المعقم وبدأت أطهر جروحك.. سأتلك وأنا أعرف أنك كعادتك لن تجيب" أش اللي سوا فيك كذا.. ترى الناس هنا مو مثل السعودية.. انتبه على نفسك" لم تجب بكلمة كما توقعت.. فجأة طلبت مني أن أعمل لك فنجان قهوة.. كنت أعرف في قرارة نفسي .. أنك تريد ان تتخلص من و تكلم بدر.. وستحكي له عن مشاكلك كالعادة.. هذه المرة لم أقم بعمل أي شي.. دفعني الفضول لأن أتجسس على مكالمتك.. سمعتك تتحدث معه وتقول:" حطني في راسه.. رح يأذيني... مستحيل انتازل عن حقي .. أقول.. بدر.. تعال ألحين مو قادر اتكلم بالتلفون براحة...."
دخلت عليك وأنت تنهي المكالمة على ان يأتي بزوجته لتبقى معي ولتذهب انت معه.. سألتني تقول: "سويتي القهوة" اجبتك بابتسامة زائفة" لا.. لأنك في كل مرة أسويها لك وما تشربها" أتيت إلي وأمسكت بيدي وقبلتها تقول: حبيبتي انتي
زعلانه مني.." تنهدت أمامك وأطلت النظر إليك وقلت لك" بيني وبينك حاجز غير مرئي.. معاذ انا ما احس اني زوجتك.. " بدأت تمازحني تقول:" اذا ما كنت زوجك.. اش باطلع يعني.." قلت لك:"مدري.. فعلا.. وضعنا يذكرني بالصداقات اللي بين الأجانب.. الرجال يشوف وحده تعجبه.. يصادقها.. ويعمل علاقة .. وبعدين كل شي ينتهي" وضعت يدك تحت ذقني وقلت:" كلامك قوي يا حبيبتي.. للدرجه هذي وضعنا صار صعب.." استدرت وانا اقول لك:" تحسبني مو ملاحظة.. انا فاهمة كل شي.." حضنتني إلى صدرك لمدة وهمست بإذني تقول:" تحسبيني أخونك.. صدقيني انا.... " سكتت ولم تكمل جملتك.. رفعت رأسي إليك.. كانت عينيك تمتلأ بالدموع.. شعرت حينها أنك تريد أن تقول: .... " طابت نفسي من الزواج يا سالي"..
..............................
كانت الصدمة أقوى.. لما دخلت يسرا.. صديقتي.. التي تهربت من صداقتها.. تفاجئت عندما عرفت انها هي زوجة بدر.. تجمدت لما دخلت البيت.. بينما ركضت إلي بدون مقدمات وعانقتني تقول:" مو معقول يا سالي.. مو مصدقة انتس قدامي.. "
................
أحببت التزلج على نهر أوتاوا الجليدي معك يا يسرا.. كنت و بدر تتزلجان دائما.. عرضت علي تعليمي.. لكن رفضت خجلا من زوجك الذي لا يفارقك..ويرافقك إلى كل مكان.. لذا لم أجد من يعلمني.. فقط اكتفيت بمراقبتكما.. اذكر تلك المرة التي لاحظت فيها عيني بدر تتفحصني.. لما ازداد الجو برودة.. وأصبح لبس العباءة بالنسبة لي يشكل صعوبة.. تلك المرة.. غطيت رأسي بقبعة ريشية طفولية وشعري منسدل على كتفي.. مع جاكيت أنيق وبنطال.. كنت أمسك بالمظلة لأحتمي من قطع الثلج الرقيقة.. تفحصني بدر لدرجة انه لم يركز في طريقه.. ووقع على الأرض.. احمر وجهه خجلا.. ونهض عائدا.. إلى الجهة التي أقف فيها.. خفت في بادئ الأمر أن يكلمني.. ليس خوفا منه.. بل على مشاعر يسرا.. جلس على المرتفع الذي أطل من فوقه.. تفصلني عنه مسافة مترين.. دعته يسرا ليتزلج معها فرفض معتذرا بالارهاق..
كان يسترق النظر إلي في كل مرة.. أشرت ليسرا من بعيد لأخبرها أنني سأذهب.. فاستوقفني بدر.. وقال:"انتظري" تفاجئت وتفاجئت يسرا.. بينما ركض إليها .. سمعته يقول: " قولي لها تروح معنا.. زوجها موصيني عليها"
...........................................................................
لم أرك سعيدا بهذا القدر يا معاذ.. كنت تخبرني أن بدر سكن بالقرب منا.. بالشارع الذي يقابلنا.. كنت سعيدا للغاية.. تلك الليلة لم أعرف إلى متى سأعيش حياة مملة.. تحطمت لأنني لم أجد التخصص الذي أبحث عن بكندا.. يئست للغاية.. وقفت بغرفة خصصتها لأن تكون مرسما لي.. كنت أرسم وأنت تتكلم دون أن أعي أي حرف مما قلته.. فقط رنت ببالي كلمة واحدة.. :" مع الألم لذة.. وعندما يذهب الألم تذهب معه اللذة.. " لم أعرف من أين أتيت بهذه الفلسفة.. شعرت أن كلمتك فيها نوع من الصحة.. أتذكر عنما تعذبت لأنني أرغب بالزواج منك.. كانت الإثارة تملأني.. وعندما حصلت عليك.. فقدتها.. يبدو أنك تعني نفسك.. لأنك تتعذب من أجل زينب.. كنت مستمرا في حديثك.. استغربت لما قلت لي:" تخيلي أموت.. " تركت اللوحة.. وانا أنظر إليك.. أكملت تقول:" لا تخافين.. لو مت.. رح تبدأ الإثارة معك.." قلتها وأنت تضحك ملئ شدقيك.. كأنك تمزح.. للحظة شعرت ان ما تقوله حقيقة.. تذكرت أنني لمدة 7 سنوات وأنا أردد تلك العبارة.. " باتزوجك يا معاذ.. وبأسافر كندا..".. أذكر لما أخبرت صديقاتي بزواجي منك وعن سفري لكندا.. قالوا لي :" وش هالبنت اللي ما تقول كلمة إلا تصير.. إنتي اش قصتك.. وسيط روحي" قلت لك بحزن: "يعني رح تموت يا معاذ" قفزت إلي وأسقتطني أرضا وأنت تقول:" أحبك لما تفكرين كذا .."
..........................................................................
اشتهيت أن أقوم بعمل الـ"كبسة" .. تريد ان تعيش اجواء الجنوب هنا في كندا.. وطلبت أيضا " عريكة وعصيد" رفضت بشدة.. لأنني أريد أن أعيش حياتي بطولها وعرضها في كندا.. و لا أريد أن أرجع الذاكرة إلى الوراء.. رددت تلك العبارة" بأموت الليلة وأنا جايع.." رجوتك بأن تكف عن هذا الكلام.. كنت تستعطفني.. لأوافق.. دخلت للمطبخ.. بدأت أجهز الدجاجة التي اشتريتها.. والبهارات.. سمعتك ترفع صوتك " حبيبتي رح تسوي كبسة اليوم" رفعت صوتي وأنا أقول: " لا.. و ألف لا".. سمعت خشخشة عند النافذة.. دعوتك.. لترى ان كان قطا.. دعوتك.. فلم تجب.. فجأة كسرت نافذة المطبخ أمامي.. قفز أحدهم .. كان ملثما وبيده سلاح أبيض.. إقترب مني.. تراجعت إلى الوراء.. تجمدت.. لم أصرخ.. بل كنت أنتفض.. أمسك بي يقول باللهجة الانجليزية: "أين زوجك أيتها الجميلة" تسابقت أنفاسي بينما اقترب مني.. قال مرة اخرى" لنستمتع حتى يأتي زوجك.. صدقيني سيروقه ذلك كثيرا.." صرخت في وجهه
صرخة قوية.. شعرت انها هزت المنزل بأكمله.. أتى معاذ راكضا .. بينما كان يجرني إليه.. كنت تصرخ يا معاذ في وجهه .. ركلته بقوتك.. حتى أسقطت سكينه.. شجاع انت يا معاذ على الرغم من نحالة جسدك.. دخلت معه في عراك.. وانا أراك وأصرخ.. أسمعك وأنت تتوعده بأنك ستقتله لأنه لمسني.. ضرب برأسك بقوة على الحائط.. وأنت تصرخ وتأمرني بالهروب.. لم تطاوعني قدماي بالذهاب وتركك معه.. قال لك و أنت شبه فاقد للوعي.. " هذا مزحنا معك.. تنازل عن حقك.. لتحصل على حياتك.." تراجعت أدراجي إلى الوراء.. ركضت إلى منزل بدر.. طرقت الباب بقوة.. طرقته فلم يفتح لي أحد.. رأيت بدر قادم من بعيد بسيارته.. وقفت في وسط الشارع.. وأشرت له فتوقف.. لم ينزل من السيارة.. بل قال بالإنجليزية: "من أنتي.. ولماذا تطرقين الباب على زوجتي بقوة.."
....................................................................................
بالعناية المركزة بمستشفى "سيكيد".. ترقد والأجهزة على جسمك.. كنت أجلس أمام الغرفة على كرسي وبجانبي بدر.. تكلمت بصوت هادئ مع نفسي:" قلت للشرطة كل شي.. أحسهم مو مهتمين.. أكيد لأننا عرب.. أصلا هذا أول شي سألني عنه الضابط.. ولما قلت له عربية.. لطعني ساعة.." تأوهت .. واسندت رأسي للخلف.. أغمضت عيني وكأنني أغمضها على جمر.. فتحتها.. نظرت إلى نفسي.. الـ"بودي" الذي أرتديه مقطوع من جهة بطني.. والـ"شورت" قصير.. لم انتبه لقصره إلا عندما كلمني بدر ونظر للأسفل.. و مع ان الجو بارد جدا.. وكدت أتجمد من البرد.. الا انني شعرت بأن مياه ساخنة سكبت على جسمي.. لم أستطع الإلتفات جهته خجلا منه..
.....................
- لا تبكين يا سالي..
كنت أشهق بقوة.. أشعر بأن عاصفة قوية بداخل صدري.. دموعي تسيل.. أنوار الشارع تكسو ملامحي.. اقترب مني بدر أكثر هذه المرة.. شعرت أنه ينتهز الفرصة للإقتراب مني.. لا أعرف.. إن كنت أتوهم أو لا.. لا أعرف لما يراودني هذا الإحساس تجاهه.. أعاد عبارته يقول:" لا تبكين .. معاذ رح يصير بخير.." نزل بدر من السيارة .. وفتح لي باب ..كنا قد توقفنا عند مكان لا اعرفه .. أمسك بيدي يقول:" تعالي أساعدك تنزلين.." أحاطني بذراعيه وبجسده.. مع أنني أبديت له أنني لا أرغب بمساعدته ونزلت من السيارة إلا أنه أرغمني على ذلك.. شعور لازمني للحظة بأنه ينتهز الفرصة حقا.. نظرت إليه وأنا أفكر بذلك.. فقال لي:" اش فيك؟؟" أجبت بعد مدة..
- بدر فيه شي انا ماني فاهمته.. في أحد قاصد يأذي معاذ.. صح.. قولي مين؟؟ وانا رح ابلغ عنه..
اضطرب بدر قليلا.. وكأنه يخفي عني شيئا.. أطلت النظر إليه.. وضع كل يد من يديه على كتفي.. وقال: "خل ندخل البيت أول ورح أفهمك كل شي.. " أخذني بيده جهة بيت يجاور بيته فدفعته عني وقلت:
- فين بتاخذني..
يؤشر على البيت: - جوا
- وين جوا.. انت اش تحسب؟؟.. مارح ادخل انا وياك مكان واحد..
- لالا.. سالي لا تفهميني غلط.. هالبيت استاجره زوجك من يومين وقال انكم رح تنتقلون له..
- وليش ما قال لي؟؟
- ...
- قول لي اش فيه؟؟
- معاذ كان خايف عليك.. كان مهدد بالموت.. لقضية دخل فيها ظلم.. ما كان يبغى يزعجك.. الموضوع وما فيه.. معاذ حصل بالصدفة على أوراق تدين شركات عالمية ضد البلاد العربية.. الورق يثبت انه المصانع تحط تعمل منتجات غذائية مليئة بالأمراض والسموم..
- واحنا اش دخلنا.. اش دخل معاذ فيهم!! اش عليه..
- هو قال مثلك إش دخلني.. بس جاني يوم ينتفض.. يقول جاه هاتف بالمنام.. وأظهر له الأوراق.. وقال له.. الشهادة يا معاذ.. و...
- خلاص فهمت يا بدر..
لم أعد أشعر بنفسي.. إلا على السرير في مكان لا أعرفه.. وبجانبي بدر.. وامرأة عجوز لا أعرفها.. ضايقتني أصابع بدر في خصلات شعري..
.....................................................................
لست أعرف حتى الآن ماذا يحصل معي.. قدري هو قدري بأن أنزف حتى آخر لحظة.. فتحت عيني بوجه بدر.. قلت بنفسي:" هذا الرجل لا يفارقني ابدا.." اقترب يقول لي: هاتي يدك..
- لا .. أقدر أقوم بنفسي..
نهضت متعكرة المزاج من وجوده معي أكثر من وجوده مع زوجته.. غسلت وجهي وأنا أفكر.. " قد يكون يهتم بي بحسن نيه.. قد يكون معاذ وصاه علي كما يفعل في كل مرة.. سأحسن الظن.." ركزت قليلا في المرآه بعد أن
أحسست بأنفاسه من خلفي.. وجه بدر معي في المرآه أيضا.. حقا الوضع لا يحتمل.. قلت بذوق: بدر تعبتك معي.. ارجع .. تلاقي يسرا تنتظرك..
- تركتها نايمة.. لا تشغلين بالك..
- والله انا خجلانة منك..
- آ..
التفت إلى الخلف.. عينيه أبدت مكر.. قلت: تبغى تقول شي؟؟
- بتزورين معاذ؟؟ ..
- اكيد.. رح أزوره.. ليه فيه شي؟؟..
- لا.. بس معاذ موصيني عليك.. ما أقدر أخليك تطلعين بروحك..
شعرت بالخبث يسري في دمه.. فسكتت.. ثم عدت وقلت لنفسي:" قد يكون محقا.." قلت له:
- إذن!!
- في الوقت اللي تبغين تزورينه.. اتصلي علي.. اوكي..
- آها.. أوكي يا بدر..
قلت آخر جملة بنغمة ساخرة.. مما سبب في إحراجه.. غادر بسرعه.. بينما كان جوالي يرن.. فتحت الخط..
- آلو.. مرحبا يسرا..
- سالي.. مري علي البيت.. طفشانة لوحدي..
- وبدر وينه!!
- يقول عنده رحله تطبيقية ومن امس ما شفته..
- ... رحله تطبيقية؟؟ ..
انتبهت لوجود ملابس غير ملابس معاذ معي على السرير.. فأغلقت الخط الخط بسرعة.. ودعوت المرأة العجوز " إليزا " التي تسكن معي.. وسألتها عن الملابس فقالت:
- هذه ملابس صديقك الذي بات معك طوال الليل.. وخرج للتو من البيت..
.....................................................................................
كنت تتأوه أمامي يا معاذ.. أشعر أنني سأفقدك.. لا أعرف لما أتمسك بك أكثر من قبل.. أثرت في قلبي غيرتك علي من ذلك الكندي.. أصبحت بطلاً بحق.. الذي لطالما كتبت عنه في رواياتي.. معاذ.. أنت حقا بطل.. تسعى لحماية بلدك.. واستجبت لدينك.. أنت رائع يا معاذ.. رائع جدا.. كم أهملتك.. وتجاهلت حبك.. لكن الآن.. أحبك.. أكثر من أي وقت مضى.. أحبك..
....................................
كنت خارجة من المشفى.. شعرت بدوار طفيف.. دائما أشعر به إذا رأيت الجروح والدماء.. خرجت وأنا أدعو لك بالشفاء.. التقيت بدر.. عرفت سيارته من قبل أن ينزل منها.. وعلى وجهه علامات تضجر.. عرفت لأنني ذهبت إلى المستشفى بدون علمه.. فتح لي باب السيارة.. ركبت دون أن ينطق إحدانا بكلمة.. تذكرت المعطف الذي أعطاني إياه ليلة الحادثة ليغطيني به لما كدت اتجمد من البرد.. احمر وجهي بمجرد تذكري لملابسي الداخلية التي كنت ارتديها.. اعطيته معطفه فوضعه جانبا.. دون ان يتكلم..شعرت انه سينفجر..
مررنا بجانب النهر المتجمد.. وشدني الثلج والمتزلجون.. قلت له أن يتوقف.. بالفعل توقفنا.. ونزلنا.. وأطللت كعادتي.. لأرى المتزلجون.. وبدر يراقبني واقفا خلفي.. نزل الى المجرى المتجمد وانا أراقبه من فوق.. وبيده حذاءي تزلج.. لبس احداهما.. وطلب مني أن ألبس الأخرى.. قلت: ما أعرف..
- حاولي..
- لا.. أخاف..
- تعلمي.. ورح تعرفين .. سوي مثلي..
بدأ يتزلج أمامي.. يقول:" حركي رجلينك.. وأوزني جسمك.. يله جربي ورح أساعدك.. " جلست أنظر إلى الحذاء .. فاقترب مني وخلع حذاءي بيده وألبسني إياها بسرعه وقال: بأقعد سنه و أنا أستناك..
كنت خجولة كثيرا.. خصوصا عندما أنزلني بنفسه من فوق.. ولم ينتظرني لأنزل من المكان المخصص للنزول.. كان يتعمل معي كطفلة لا أكثر..
وقفت يحيطني بذراعيه من الخلف.. علمني حتى مللت ولم يمل هو.. بل أبدى انسجاما واستمتاعا بكل خطوة.. وبعد أن تمكنت أخيرا من التزلج.. أرهقت كثيرا.. شعرت بنفسي.. كشخص يهوي من مكان عال.. شممت عطر رجالي.. رفعت رأسي .. وجدتني أغفو على صدر بدر..
....................................................................
سمعت رنين رسالة وصلت على جوالي.. كتب فيها:" آسف.. ما كنت أدري إنك حامل.. بس الحمد لله الدكتور طمنني انك تمام والجنين بخير.. أكرر أسفي.. بدر".. تمتت مع نفسي.. " متى أخذ رقمي هذا.. أووف" نهضت وأنا أتأفف.. دخلت الصالة.. وجدت إليزا المسنة.. وقفت تلك العجوز..
عرفتني على نفسها.. وقالت بالانجليزية: أنتي حامل بالشهر الثالث.. وستبدي بالرابع.. طلب صديقك مني الاهتمام بك..
لم أجبها.. لحقت بي تقول: هل تنويان الزواج.. خصوصا سيكون لديك طفل..
هذه الكلمة أزعجتني.. ماذا أشرح لها.. لزمت الصمت.. سألت مرة أخرى تقول: قد أزعجك بأسألتي.. لكن هذا آخر سؤال.. أنتي مسلمة!!
- نعم.. كيف عرفتي..؟؟
- انتم قليلو الكلام أيها المسلمون؟؟.. لا تتكلمون عن دينكم ولا عن عاداتكم..
فعلا نحن نهمل هذا الجانب.. أيقظت هذه العجوز إحساس الفخر بديني.. تحكي لي عن مريم العذراء.. وعيسى.. ولم أفكر يوما بأن أحكي لها عن الإسلام.. تكلمت لها عن بعض القصص النبوية.. أجبت بعض أسألتها.. لكن في كل مرة ينقطع حوارنا وأقول :" لست متمكنة .. لا أعرف"..
.......................................

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://heartoflove.7olm.org
Stop Ana Top
Admin
Admin
Stop Ana Top


رقم العضويه : 1
انثى عدد المساهمات : 113
نقاط : 32246
المستوى : 3
تاريخ الميلاد : 12/07/1996
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
العمر : 28
الموقع : saja
العمل/الترفيه : طالب
المزاج المزاج : cooOOooOOooOOool

رواية القلب النازف كاملة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية القلب النازف كاملة   رواية القلب النازف كاملة Emptyالأربعاء يوليو 28, 2010 3:45 am

كنت قد دخلت بالشهر السادس.. مللت المكوث في المنزل.. واعدت يسرا بأن نلتقي في الحديقة العامة.. كان الجو رائعا.. كنا قد خففنا ارتداء ملابسنا الثقيلة فالجو بارد لكنه رائع بالنسبة للشهور السابقة.. دار بيننا حوار خلال تمشيتنا تلك.. : سالي.. بترجعون ابها؟؟
- اذا خف معاذ يصير خير..
- هو صار يتكلم معك.. صح؟؟
- ايوه.. بس ما يقدر يتحرك.. حالته صعبه..
- أوه.. الله يشافيه..
- بس بيني ويبنك.. حبيت الحياة هنا.. ما أبغى ارجع السعودية.. يا ليت لو نستقر..
- بالعكس.. انتظر الساعة اللي نرجع فيها للسعودية.. اشتقت لأهلي.. وصاحباتي.. حتى مربيتي المغربية إشتقت لها.. تخيلي ربتني من صغري.. وإختي مربيتها جزائرية.. متعلقة فيها مرة.. انتي مربيتك اش جنسيتها..
- آه.. ضحكتيني بسؤالك يا يسرا.. خلني من المربية.. أنا صار لي فترة أهل معاذ يتصلون.. ويسألون عنه وأنا أصرف.. أخاف يجون هنا.. ويرجعونا غصب..
- أنا ما ادري ليه يا سالي ما تبين ترجعين؟؟
هطلت قطرات مطر هادئة.. شعرت بها على جسدي.. تذكرت قطرات المطر الممزوجة بالتربة والتي تقطر في أنحاء متفرقة من سقف المنزل.. تذكرت أمي التي تضع صحون وأحيانا قدور لمنع ذلك.. وبعد انتهاء المطر.. تبقى الآثار البنية تعطي علامتها على جدران كل غرفة..كانت بيئة متلوثة.. كانت آمالي على أن يصبح معاذ غنيا كي أعود فتاة شريفة.. وسيدة مثلك يا يسرا.. خصوصا أن معاذ.. قد يموت وقد يكمل حياته عاجزا.. في النهاية سأعود لذلك المنزل..
.....................................................................
كنت قد افتتحت مرسمي بالمنزل.. بدأت أرسم اللوحة.. رسمت تفاصيل شكل لوجه بدون ملامح.. شعرت بأحدهم خلفي.. التفتت وانا ادعو: "من.. ؟؟ليزا!! " التقت عيني بعيني بدر.. قلت وكأنني أتظاهر بالسعادة لأخفي ارتباكي..
- مرحبا.. بدر.. كيف حالك؟؟
مددت يدي لك لأصافحه.. ابتسم مستغربا حسن تعاملي معه.. رفع يدي وقبلها.. تظاهرت بأن ذلك عادي..
- بخير..
أنزلت الفرش والألوان.. فأمسك بيدي وقال: كملي.. أحب ان أراك وأنتي ترسمين
- شكرا لأنك تطمن علي.. بصراحة أنا..
اقترب مني بدر.. وأغلق زرار بجامتي المفتوح.. كنت تبتسم عنما تحسست نبضات قلبي الذي يكاد يقفز من صدري.. سقطت الفرشاة من يدي لما دعتني السيدة اليزا .. تركته وذهبت إليها.. انا مدينة لها .. أنقذتني من هذا الموقف المحرج.. كانت تعاتبني.. تقول: أخبرتني أن دينك يرفض ما تفعلينه مع بدر.. كيف تريدين أن تحترمك دولتك الإسلامية وتحقق لك ما تتمنينه و أنتي لا تحترمين دينك وعاداتك.. كيف تقولين أن الله ضمن لنا السعادة إذا أطعناه.. وسنصبح تعساء إن عصيناه.. يا للعار!! لن أسمح لك بمقابلته مرة أخرى..
خطبة دينية رائعة بلسانك يا اليزا.. تنهيني عن المنكر وأنتي نصرانية الديانة.. كلا.. إنها رسالة الاهية .. أنطقك الله بها..
..........................................................
انتفضت وأنا نائمة.. وجدت بدر بجواري.. يهدئني.. ويسكب لي كوبا من الماء.. شربته وبعيني استفهام عن وجوده في ساعة متأخرة من الليل.. وقفت وإتأكت على النافذة.. كنت تنظر تجاهي على الرغم إضاءة الشارع الخافتة.. كانت عينيك تلمع بزرقة نور الشارع.. كنت مضطرب لدرجة أنني خفت منك.. خفت أن يؤذيني.. مع أنني أثق أنك الوحيد الذي لن يؤذيني.. سألتك لأجس نبضك: بدر انت متضايق؟؟
- ايه متضايق؟؟ متضايق حيــــــل..
- في مشاكل بينك وبين يسرا؟؟
- سالي أنا أحس بكآبة..
- من؟؟
- سالي إنتي مو حاسة بشيء!!
رفعت جسمي بصعوبة.. وأنزلت قدمي.. قفز بدر يقول: ارتاحي انتي وأنا رح أجيك..
جلس بجواري.. أمسك بمعصمي.. ثم قال: ساعتك رائعة..
قالها مع أنه كان يتحسس جسدي.. لا ساعتي.. طال الصمت وهو يتنهد.. وأنا أحدق للأسفل.. أمسك بإحدى خصلات شعري فقلت:
- ليش داخل مع الشباك؟؟
- هالعجوز منعتني أدخل البيت..؟؟ تقول حرام.. هي أسلمت!!
ضحكت ثم قلت: طيب قول اللي بخاطرك!!
- أقول وما تزعلين!!
- .. ..
- رح أقول كل شي.. بس اسمعيني للنهاية.. إعتبريها مشكلة وساعديني أحلها..
- طيب..
- أحبك .. أحبك.. .. كنت أحب يسرا حب مجانين.. بس من شفتك.. ما أعرف إش صار لي.. أنا.. ..
ـ خفض رأسه للأسفل.. لم أعرف ماذا أفعل.. وضعت يدي فوق يده.. فشعرت بقطرات دموعه فوق يدي.. أكمل يقول:
- أنا أحتقر نفسي.. لأني أخون يسرا.. وأخون صديقي.. بس صدقيني غصب عني.. كل اللي يصير لي ما لي سيطرة عليه..
منظر مؤلم رؤية رجل يبكي من أجل امرأة.. يعشقها ويتمناها..ولا يستطيع أن يجعلها ملكا له..
................................................................................
وضعت يدك يا معاذ على بطني بعد أن طلبت مني ذلك.. شعرت بابنك يتحرك في أحشاءي.. تمنيت أن أسميه بإسم والدك ووافقتك.. كنت تتمنى أن تكلم والدتك لكنك كلما تذكرت خوفهم عليك.. تذرف دموعك.. وتصرف نظر عن هذه الفكرة التي تزلزل كياني.. لا أعرف هل هي تضحية براحتك من أجل راحة أهلك.. أم هي من أجل راحتي أنا.. لست أعرف حتى الآن إن كنت ملكت قلبك أو لا..
دوما أسألك إن كنت تحبني أم لا.. كنت تعدني دائما بأنك لن تخونني مع أي امرأة أخرى.. كنت أعرف أنك مجرد زوج وفي.. وهذا يكفيني..
............................
شكت لي يسرا من جفاف بدر معها.. أخبرتني بأنه يتغيب كثيرا عن المنزل..
- يا سالي بدر ما صار يحاكيني.. إذا عاتبته يبكي ويقول ارحميني.. يتهرب مني.. شكلي رح أرجع السعودية الوضع لا يطاق..
- هدي بالك.. لا تتسرعين.. بعدين إنتي شكيتي بس هالأسبوع.. إعذريه.. أكيد يمر بظروف.. ورح يرجع أحسن من أول ..
- أي أسبوع بدر من 3 شهور متغير..
قلت بنفسي:" قصدك من الوقت اللي شافني فيه.."
- اش رايك نتمشى شوي بالحي!!
- ايه.. بس بأروح البيت.. آخذ البالطو وبأجي نطلع سوا.. دقايق وانا عندك..
- أستناك يا يسرا..
ذهبت إلى غرفتي.. لأغير ملابسي.. خفت ومن وجود بدر على سريري.. ارتبكت وقلت: هلا بدر..
تلفتت وقلت لك: يسرا كانت عندي.. اطلع ما أبيها تدري إنك هنا..
- سالي انا مو قادر ارجع البيت.. أبغى أعيش هنا معك..
- إنت مجنون.. أرجوك بدر.. ..
- مستحيل أضرك.. بس قاعد أقولك اللي أتمناه..
- بدر.. يسرا وصلت الجرس يرن..
- رح أنفصل عن يسرا.. عشان أقابلك براحة..
- بدر.. أرجوك..
- أحبك يا سالي.. ارحميني..
سمعت أليزا تفتح الباب وتقول لنا بعد أن رأتنا معا.. "يسرا قادمة.."
سمعت خطواتها تقترب من الغرفة.. أرغمته على الوقوف.. ودفعته جهة النافذة إلا أن يسرا دخلت الغرفة.. بينما دفعت به خلف الباب وأجلسته على الأرض ورميت فوقك مجموعة ملابس.. تقدمت خطوتين للأمام.. بينما تعثرت قدمي واتكأت بيدي على الباب وبقدمي على ساقك.. لم تنتبه لك.. وقالت :جاهزة.. قلت: أجل .. اسبقيني و بالحقك.
..............................................................
سأنهي الشهر السابع.. جنيني يكبر يوما بعد يوم.. كنت مسترخية على الكنبة.. أرتدي ثوبا قصيرا.. ويدي مكشوفتان.. تأملني بدر وأنا أمسك بهاتفي.. قلت : ما رديت على اتصالي..
قلتها وانا أتغنج.. تلمس بطني وهو يقول: حبيبتي..
قلتها وأنت تستعطفني.. قلت لك بمشاعر صادقة: تعودت وجدك بحياتي يا بدر..
- معقول انتي تقولين هذا الكلام..
تنهدت بحسرة.. ثم قلت لك: انا مقصرة مع معاذ.. صار لي أسبوعين ما شفته.. آخ بس.. تعبت.. شفت لوحتي هناك؟؟ ما كملتها لين ألحين..
- تسمحي لي أكملها!!..
- طبعا ..
اكتشفت أن بدر رسام مثلي.. فعلا فاجأني هذا الموضوع.. كان يرسم متأملا لي.. كنت أراقبه.. كان يرسمني.. تأملت طوله المفعم بالقوة.. ولونه الأبيض الرجولي.. عينيه المتدفقة بالحنان.. وقفت بالقوة.. وسارعت خطواتي.. وقفت خلفه وهو توقف أيضا.. ونظر تجاهي مستغربا.. أدخلت يدي بين خصلات شعره وقلبي يخفق بقوة.. ترك اللوحة والفراشة.. عانقني بهدوء.. كانت إليزا تصفق وهي تردد: برافوا يا بدر.. برافوا.. جعلت الفتاة تتخلى عن معتقداتها.. لم أعي ما كانت تقوله.. ولا حتى لصوت الهاتف الذي يهز المكان.. كنت أقتحمه.. احتويه.. ولم أعي إلا صوت إليزا الصارخ وهي تمسك بهاتفي: زوجك يحتضر.. زوجك يموت يا سالي..
..........................................................................
تأوهت .. عيناي تبحث عن معاذ.. وجدت يسرا بجواري.. فتحت عيني.. شعرت بالألم يعتصرني.. تلمست موضع الألم.. ماذا حصل.. أين طفلي!! تلمست بطني مرة أخرى.. تقدمت يسرا بطفل وقالت: طفلك..
- قصدك اليتيم ..
ذرفت دموع ساخنة كالحمم.. ثم قلت: ما أذكر اش صار؟؟
- لما سمعت بخبر وفاة معاذ.. ما تحملتي الصدمة.. ..
- بعدين ولدت.. آخ..
كنت أعلم أنني أسير في طريق نازف.. كما تنبأت لنفسي.. سألت : معاذ مات؟؟ سكتت يسرا فبكيت.. وانهرت ..
- أبغى اشوفه!!
- انتي تعبانه ما تقدرين!!
- تكفين.. يا يسرا.. وديني له
كنت أبكي بطريقة مؤلمة.. أحضرت يسرا الطبيب.. فوافق بشرط أن أكون متسلقية على سريري وأن أنتقل إليه دون ان أتحرك.. كنت متمددة على سريري.. رفعت رأسي تجاهك..رأيتك يا معاذ.. كنت نائما كطفل بريء..مسحت على وجهك بيدي.. دعوت لك بالرحمة.. هنأتك بالشهادة التي
استجبت لهتافها بمنامك.. وأخبرتك أن أسمي ابننا بوالدك كما وعدتك ..
................................................................................
أغلق بدر باب غرفتي بالمستشفى.. نظر إلى وجهي الشاحب.. وشفتاي المبيضة.. كتفي العاريين.. جلس بمؤخرة السرير.. عند قدمي.. أحسست ببرودة أصابعه بين أصابعي.. تأمليني.. تفحصني.. تبسم لي.. ثم قال:
- كيف حال الحلوة اليوم؟؟
ابتسمت له بصعوبة.. أجبت:
- اش قال الدكتور!! ..
- ولدك بيضل بالحضانة.. وانتي بتطلعين اليوم !! بس انتي نفسيتك تعبانه.. لازم تنتبهين لنفسك ولا رح تتدهورين.. فاهمتني!!.
- ايوه.. فاهمة.. اش بقى ما فهمته..
- طيب يله.. عشان تلبسين اللبس اللي جبته لك..
...................
حملني بدر بين يديه.. وأدخلني السيارة.. كان مضطرب نوعا ما.. أصبحت أعرف انه مضطرب من مجرد النظر إلى وجهه.. قلت:
- تكلم يا بدر.. قول إش عندك!!
- بصراحة .. كنت أبغى أقول لك .. إن السفارة.. أصدرت أمر بالتوقف عن صرف الاعانة الدراسية لك..
- لأن صاحب الاعانه مات.. .. صح..
- سالي.. رح ترجعك السفارة للسعودية..
- المحكمة اش رح تسوي لقضية معاذ..
- بيعطونك تعويض.. لو ثبت ان له حق..
- ما رح ارجع السعودية يا بدر.. ما أبغى أعيش هناك..
- كيف بتعيشين هنا ؟؟
- رح أتصرف.. اليوم رح أكتب لك تفويض يعطيك صلاحية بعمل معرض .. لبيع لوحاتي.. بتجيب مبلغ كويس.. وحوله على رقم حسابي..
- كلامك أوامر.. بس مارح تقدرين تعيشين من غير رجال.. لازم حد يحميك..
قال هذه الكلمة.. ونحن نتوقف بمحاداة المنزل.. مددت يدي إليه ليحملني.. أدخلني المنزل وهو يقول:
- أخاف عليك..لا يمكن أخليك تعيشين لوحدك.. رح أنفصل عن يسرا.. وأخليها ترجع السعودية.. وبأقعد معك هنا.. أحميك وأطمن عليك..
- بدر مستحيل يصير الشي هذا..
أجلسني على السرير.. تمددت .. وغطاني جيدا.. وقال :
- إنتي تحبيني وما تقدرين تنكرين؟؟
- انت اللي تحبني..
- أحبك وأموت فيك.. هدمت حياتي علشانك.. ما أقدر أتخيل حياتي من غيرك.. اش معترضة عليه يا سالي.. أنا أحبك..
- مستحيل أدمر حياة يسرا بنفسي..
- إش عليك منها؟؟.. أنا اللي ما أبيها.. اش ذنبي أعيش معها وأنا ما أحبها..
- كنت تحبها.. لين التقيتني.. يا بدر انا ما أرضى انها تختطف معاذ - لو كان حي - مني..
- انتي تبغين تدمريني.. تبغيني اموت.. انا من غيرك اموت.. ارحميني..
- طيب.. تضمن لي يا بدر.. انك اذا شفت وحده ثانية بعد ما اتزوجك.. ما تحبها وتتزوجها..
- قصدك تقولين إنني زير نساء!!..
......................................................
لم أستطع التحرك لمدة يومين.. وبدر منقطع عني.. غاضب بعد ان جرحته بكلامي آخر مرة التقيته.. والسيدة إليزا.. منقطعة عن المنزل هي الأخرى ولا أعلم أين ذهبت.. لم أعرف حتى كم من الوقت مضى وأنا على سريري.. كنت أتألم .. أموت.. يرن هاتفي ولا أقوى حتى على الرد.. شعرت أنني سأفارق الحياة.. تقلبت حتى وقعت.. شعرت أن أظلاعي تكسرت.. زحفت على بطني.. أخذت هاتفي.. اتصلت على بدر.. تكلمت بصوت مبحوح.. : بدر.. محتاجتك.. رح أموت...
..................................................................................
السيارة تتحرك بقوة.. رأسي في حضن بدر .. سمعته يقول:
- ما كان المفروض أطاوعك وأطلع.. الغلطة غلطتي.. كنتي بتموتين وأنا ما أعرف.. واليزا الزفت هذي مدري وين راحت..
- آسفه يا بدر.. آسفه.. كل ما قلت بأريحك.. أعذبك أكثر..
- أي تعب.. انتي تعرفين انني مستعد أموت عشان انتي تعيشين..
ذرفت دموع ساخنة بينما كان يمسحها ويقول بسعادة:
- يعني كلامك آخر مرة معي كان بدافع خوفك علي.. مو لأنك تكرهيني..؟؟
- بدر.. تعبت يا بدر.. تعبت.. وأبغى أرتاح..
- نرجع السعودية ونتزوج.. وأوعدك ما أخليك تقعدين بالسعودية.. رح أسفرك كل مكان تتمنينه.. بألف بك العالم..
- ما يصير اكون مثقلة عليك كل هالمدة.. اش صار ع اللوحات؟؟..
- لوحاتك يا حياتي جابت لك مبلغ هايل.. اللوحة الوحده انباعت بـ35ألف
- دولار.. بتتاجرين من وراء هالمعرض..
- معقول.. الحمد لله.. تصدق يا بدر.. سمعت عن أسعار اللوحات المرتفعة بالخارج.. بس ما توقعت إن الموضوع كذا.. أنا انتقلت من طبقة لطبقة.. تذكرت أيام المعرض بأصداف مول بخميس مشيط.. عرضت اللوحة للبيع بـ200 ريال ولا انباعت.. وعرضت على جمعية الثقافة والفنون بأن تقتنيها وتعرضها للسياح.. ورفضت لأن إسمي مو معروف.. ولما شاركت بها أيام الجامعة.. في مسابقة الرسم.. الجائزة كانت بـ20 ألف ريال.. تصدق يا بدر.. ذلوني على الجائزة.. ترم وأنا أراجع من مبنى لمبنى.. وبالأخير جتني رسالة وأنا في قاعة الاختبار.. من المشرفة.. تقول العمادة يبونك ضروري.. ما عرفت أختبر هذاك اليوم.. كانوا مترصدين برا.. طلعت والمشرفات شبه بيكلبشوني.. وفي العمادة.. أعطوني ورقة بيضاء أوقع عليها.. فكرت إنها عشان يثبتون إني استلمت الجائزة.. ولما سألت ردت سكرتيرة العميدة.. لك عين تسألين وانتي متأخرة كل ذا المدة.. هذي ورقة تنازل عن اللوحة للوزارة.. وهذي هديتك.. كانت علبة مدري اش فيها.. وما خلتني المسها لحد ما وقعت على استلامها.. فتحت العلبة.. تدري اش لقيت يا بدر.. لقيت إكسسوار بريالين.. والله اكسسوار بريالين..
- ارتاحي يا سالي.. انتي تعبانه..
- أ/ الحمدان ما يدري عن شي.. داخل الجامعة ما يدري الحريم اش يسون.. الجامعة ترسل أوامر.. وماحد ينفذ.. العميدة ترسل أوامر والأقسام ما ينفذون.. المشرفات حولوا الجامعة إلى كلية عسكرية.. يأمرون وينهون.. اللي شكلها حلو ما يصير لها شي.. المشرفة السمراء تستقصد البيض.. القوية ما حد يكلمها والضعيفة القوانين كلها تتطبق عليها.. اذا طالبنا بحقوقنا قالوا اشتكوا هناك عند الرجال ما بيدينا شي.. واذا اشتكينا جمدوا الشكوى عندهم في العمادة.. ولا حد يدري عنا الا اذا وحده باسم الدفعة ترسل احد من قرايبها يشتكي عند الرجال .. يا بدر.. كنت في كل مرة تصير مشكله أغني يا ليل ما أطولك..
................................................................................
وصلت رسالة على ايميل معاذ.. من أخيه محمد.. كتب خطابا مثيرا للدموع عن حال العائلة وقلقهم عليه.. وانه سوف يأتي ليساعده اذا كان هناك مشكلة.. أثارت قلقي هذه الرسالة.. توقعت حضوره في أي وقت.. حزمت حقائبي.. كان طفلي معي .. وقد مضى على خروجه من الحضانة أكثر من أسبوع .. وقبل أن أنتقل.. أخذت ورقة من أوراق معاذ المختمة بختم السفارة.. وكتبت فيها.. "إشعار من سفارة المملكة العربية السعودية بكندا..
نود إعلامكم بوفاة إبنكم معاذ وزوجته في حادثة بشعة .. وقد تفحمت الجثتان.. وقامت الأماكن المختصة بدفنهما في مقابر المسلمين.. ودفع كافة الرسوم.. نرجو من الله أن يتوفى فقيدكم برحمته وأن يسكنه فسيح جناته.. "
قلت بنفسي لما أرسلتها عن طريق البريد.. " يا ترى بيصدقون ولا لا.." أرسلتها وكلي احتقار لنفسي على ما أفعله.. لكن.. هي حياتي وحدي.. وسأعيشها وحدي .. وسأحاسب عنها وحدي.. ومن الجدير.. أن أبقى في المكان الذي يسعدني.. لا في المكان الذي يسعد غيري..
رن هاتفي حتى كاد أن ينفجر.. كانت أمي المتصلة.. وكأن حساسات قلبها أنذرتها بفراقي الأبدي.. كنت أقرأ رسائل نادين على جوالي.. مرة تخبرني عن قلق أمي.. ومرة تطلب أن أشتري لها هدية عندما أعود.. كنت أقرأ رسائلها على بريدي الاكتروني أيضا.. و لا أجيب.. كنت أنتظر إنقطاعها عن المراسلة.. لأن ذلك سيكون بالنسبة لي علامة بعلمهم بوفاتي.. بالفعل انقطعت نادين عن الارسال.. وانقطع اهل معاذ عن الارسال أيضا..
............................................................................
كان طفلي يحبو أمامي.. يتمسك برجلي.. ويسرا تبتسم بحزن.. كانت تمسك عباءتها التي لم تلبسها منذ وصولها إلى كندا.. تأملت عباءتها وأنا أقول.. :
- جيت كندا بدين صادق.. ما كنت أعرف إن الظروف رح تخليني كذا.. مع إن فيه محجبات كثير هنا.. ويترددون ع المسجد الاسلامي.. كنت أقدر أكون مثلهم بس نفسي ضعيفة..
تكلمت ويسرا تتأمل منزلي الفخم.. ثم قالت:
- ربي عوض تعبتس يا سالي مع معاذ وبعد وفاته.. المهم.. أنا راجعه السعودية وجيت أودعتس..
- !! ليش؟؟ بدر عنده إجازة!!
ذرفت دموعها وملأت وجهها.. وقالت:
- رح أرجع لوحدي.. حياتي انتهت يا سالي..
أكملت وعبرتها تخنقها.. : بدر يخونني.. سمعته يكلمها..
- يمكن انتي مهملته.. ترى الرجال يحتاجون أجواء رومانسيه كل ثانيه..
- لا يا سالي.. كل مرة أواجهه يبكي.. يقول لي سامحيني .. أنا خلاص فهمت.. هو يحب غيري.. ومو قادر يعيش معي.. وما يقدر يطلقني لأنني ما أذيته بشي.. هو محتار وموعارف اش يسوي.. بس لأنني أحبه رح أطلب الطلاق.. عشان يعيش حياته وما يحس بالذنب جهتي..
أجهشت يسرا بالبكاء.. تأثرت من منظر دموعها المتساقطة .. حزنت عليها.. تذكرت ألمي من معاذ لما تزوج زينب.. سألتها إن كانت ستسامحه
لو اعتذر منها فأجابت بالقبول.. مما جعلني أفكر في إرغام بدر بالسفر من كندا..
.................................................................................
قبلت إليزا على رأسي لما صحوت من النوم.. جلست على حافة السرير.. تحمل ابني.. بيديها.. وتقول:
- أشعر أنك مثل ابنتي تماما.. لا أعرف ماذا سأفعل لو فكرتي بالرجوع إلى السعودية.. إعتدت على بقاءك.. وعلى رؤية حفيدي..
- أنا أحبك أيضا..
- سالي.. أجيبيني بصراحة.. إذا اعتنقت الاسلام.. سأدخل الجنة؟؟..
- أجل.. هل تنوين ذلك؟؟
- بصراحه.. أفكر في هذا الموضوع.. أنتي دائما تلجأين في كل محنة تصيبك إلى ذلك الذي في السماء.. عندما تصلين.. أشعر أنك فعلا تتخاطبين مع أحد؟.. لا تسمعينني.. أتتذكرين تلك المرة التي طلبت منك أن تقومين بالدعاء على باللغة الانجليزية.. تلك المرة شعرت أن روحي أصبحت طاهرة ونقية.. أحببت الإسلام معك.. لكن المسلمون لا ينشرونه.. بينما نحن النصارى ندفع الأموال الطائلة للمبشرين..
.........................
دخل بدر.. وأنا فوق السلم أقوم بإصلاح إحدى الأنوار.. هز السلم برفق فانتبهت لوجوده بالأسفل.. وبيده ورده .. أكملت إصلاحي للنور وأنا ألقي التحية.. لكن الوضع لم يرق له.. هز السلم مرة أخرى.. نزلت من أعلى ولما قاربت النزول.. هز بدر السلم بقوة ففقدت السيطرة على نفسي ووقعت وأنا أشهق بهدوء.. أمسكني بيديه القويتين.. أوقفني على الأرض برفق.. ألتصق بي مقدما وردته..
شممتها .. بل إستنشقتها.. شعرت أن رائحتها انغرست بقلبي.. كالورد الطائفي في لونه ورائحته.. ابتسمت أقول:
- كيف دخلت إلى البيت!!
- انا من ساعه عند بابكم.. قعدت استنى عجوز قريح طلعت من البيت.. تمشي ولدك.. طفشتني هالـ إليزا.. كل ما شافتني قالت حرام.. صارت مفتي الأخت..
ضحكت كثيرا منك :وهي صادقة..
أخذ الوردة من يدي ومثل ضربي بها.. بينما جعلتها تلامس وجهي برفق.. ثم قال لي بعينين مليئة بالدفء: يا ليتك تستنشقيني مثل ما تستنشقين هالوردة..
أمسك معصمي بقوة وقربني منه.. يقول:
- سوري اتصلتي وما رديت عليك.. اش بغيتي يا عمري.. تكفين قولي انك اشتقتي لي..
- بجد اشتقت لك يا بدر.. بس هذا مو موضوعي..
- أجل..
- إنت داري إن يسرا سافرت السعودية.. بسبب معاملتك السيئة لها..
- يا ذا اليسرا.. طفشت من هالسالفة يا سالي.. يسرا انتهت من حياتي.. أنا أبيك انتي.. افهميني لو مرة وحده.. كل ما أقابلك تقولين لي نفس السالفة..
- يا بدر أنا ما أفكر في الزواج منك أبدا..
- ليش .. انتي معترضه على شخصي أنا..
- لا والله يا بدر.. بس وين نتزوج.. وكيف.. أهلك بيقبلون فكرة طلاقك عشلن يقبلون فكرة زواجك من وحده بالغربة.. ما يعرفون من بنته.. طيب حتى لو قلت بتخطبني من أهلي.. اش أقول لهم.. حييت بعد ما كنت ميته.. وعبال ما يستوعبون فكرة روجوعي.. مستحيل يزوجوني لك .. لأنك مو من قبيلتي.. يمكن كانت بتهون لو جنوبي.. بس إنت قصيمي..
- يعني ايش يا سالي..؟؟
- المشكلة ما عادت مشكلة يسرا.. أنا أحبك يا بدر.. بس مقدر اتزوجك.. مقدر أغامر بنفسي..
ذرفت دمعة نزفت من قلبي قبل ان تسيل من عينه.. اهتزت كتفي.. جلس عند قدمي.. يقول بصوت كله رجاء: اسمحي لي أعيش معك ع الأقل..
...................................................................
كنت أقف بالمقبرة.. أرى قبر معاذ.. وأنا أحمل طفلي.. كنت أناجي نفسي عما كنت أناجي نفسي عما إذا كنت أعمل الصواب أو لا.. كنت في حيرة من أمري.. بدأت أنبض عشقا لبدر.. أشعر أنني أناقض نفسي.. كان لابد أن أضع حلا للموضوع.. اتصلت على هاتف بدر.. رد بكل لهفة.. مع أن صوته متعب: آلو.. هلا سالي
- صباح الخير حياتي..
- تسمعيني كلام قاسي وبالآخر أنا حياتك..
- هذي مشكلتك..
قلتها وأنا أضحك.. فرد علي يستهزئ: لا والله..
- مشكلتك أنك تحب وحده تهاوشك كل ما تشوفك.. بس ما تقدر على فرقاك..
- أنا لين ألحين مو مصدق إنك انتي سالي.. أقول اختي الظاهر انتي غلطانه بالرقم..
- بدر.. ..
- يا عيون بدر.. اكتشفت انك من الناس اللي يعبرون عن مشاعرهم بالتلفون..
- ايه.. بصراحة دائم اتكلم يالتلفون براحه أكثر من المواجهه
- ع بالك اجهلك.. ملامحك تحكي كل شي تخبينه..
ارتبكت فعلا.. شعرت بذلك بينما لاحظ هو صوتي قائلا: كشفتك..
قلت له بجدية نوعا ما: تعالني البيت..
رفع صوته: لا طبعا..
استغربت: ليه؟؟
- حالف ما ادخل بيتك الا وانا زوجك..
- ايش؟؟ ما سمعت..
- اذا مو عاجبك تعاليني انتي..
- اقول.. لا يكثر هرجك.. تعال البيت.. وبسرعه..
- ترى انتي ما تعرفيني.. اذا جيت رح اخطفك.. واتزوجك غصب عنك..
- نعم ؟؟ انا فعلا الظاهر غلطانه.. هذا مو جوال بدر.. باي
- لحظة.. لحظة.. انتظري ..
- اش تبغى؟؟
- بغيت أذكرك اني ساكن مقابل شقتك.. يعني اذا ما تعرفين الطريق..
- تحلم أجيك.. باي
- لحظة.. سالي لا تسكرين..
- خير..
- أحبك..
شعرت بأن كلمته دخلت لإعماقي.. وتردد صداها.. حتى لم أعد أعي المكالمة.. ظهر صوته من جديد: وين رحتي؟؟
- معك.. يله باي حبيبي..
- الله معك.. أستناك..
.................................
لأول مرة أقف أمام شقة بدر.. سنة من الألم والمعاناة.. وسنة من العشق.. وهانحن نبدأ السنة الثالثة.. وأنا حتى الآن لم أصل لحل في مشكلتي معه.. ظلمته كثيرا.. لم أحقق ما يريد.. لم أبادله و لا حتى الإهتمام.. منذ أن مات معاذ.. لأول مرة أردتي فستان حريري قصير مناسب لفصل الصيف الرائع في كندا.. أسدلت شعري الحريري أيضا.. وضعت الكحل الصيني مع أطراف عيني.. وتقدمت إلى شقته..
أتيت مع طفلي الذي يمسك بيدي .. وجدت الباب مفتوحا.. دخلت .. شدتني اللوحات المرسومة بشكلي.. مرة وأنا نائمة.. مرة مبتسمة.. مرة على خيل,, والكثير من اللوحات..
سمعت دندنته تملأ المكان.. يبدو أنه يحلق ذقنه.. أصدر طفلي ضجيجا كسر حاجز الصمت.. فخرج بدر مهندما بشكل رائع.. قال بسعادة: من؟؟ سالي..
تأملني.. كان غير مصدق.. سنة كاملة هو من يهتم في مظهره من أجلي وفي كل مرة لا اعيره إهتماما.. أو أتسبب في بكاءه.. وأجعله يخرج من منزلي غاضبا..
سنة كاملة وهو يحلم بهذا الإهتمام.. يتمنى ان يراني أركض إليه كما يفعل.. سنة كاملة يقضيها هنا بعد أن أنهى دراسته وصار من المفترض أن يعود إلى الوطن.. لكنه يفضل البقاء معي..
وجدته يلتصق بي.. يطوقني بذراعية.. يضغط على كتفي بقوة.. هاجمني بقبلات محمومة بأماكن متفرقة.. قال بصوت أعياه الحب: أنتي جاحدة!!
- فعلا.. انا جاحدة..
قلتها وأنا متألمة.. قلتها لأنني أعلم بما يكنه لي من حب.. لكن لا أستطيع التضحية من اجله كما يضحي من أجلي.. أكمل يقول: " لا يروح فكرك بعيد.. أنتي جاحده لأنك تدرين إنني أحبك وتخبين عني الجمال هذا كله.. "
ظهر صوت ابني: ماما.. تركني من بين يديه يقول:"جبتي البطل هذا معك"
حمل ابني يقول:" عندي لك ألعاب كثيرة تعال معي".. اختفى عن بصري ثم عاد سريعا وحملني على يديه ثم أجلسني على الكنبة.. وجلس على الأرض متكأ بساعديه على فخذي وهو يقول:" جايبة الولد عشان ما تهنيني فيك..
قلت أضحك: حبيبي اكتشفت إنك خفيف دم..
ابتسم: ايه أنا خفيف دم .. بس ظروف مرض معاذ وفاته وولادتك ومشاكل يسرا خلتني أطلع بشخصية غير شخصيتي..
فجأة رفع بصره يقول: قولي لي أحبك..
نظرت إليه فنظر للأسفل يضغط على كفي بقوة.. شعرت بدقات قلبه الملتصق بساقي تكاد تقطع قميصه.. شددت شعره برفق.. ثم قلت:
- أحبك.. يا بدر.. بس انت رافض تتفهم وضعي..
...................................................................................
كنت أتصفح إيميلي.. وبدر يجلس على كرسي بجواري.. دخلت على ملف الشخصي لأختي نادين.. قرأت:
(ما عمري آمنت بوجود الأرواح .. إلا روحك يا سلوى معي في كل مكان)
سالت دمعه حبيسة على خدي.. تفرجت على ألبومها.. قرأت ملاحظاتها.. كانت آخر ملاحظاتها.. مكتوب فيها:
( الموت يخطف منا من نحب بدون سابق إنذار..)
والكثير الكثير من العبارات.. والأشعار.. أتراها وفاتي أنطقتك شعرا يا نادين.. في هذه اللحظة أجهشت بالبكاء.. انحنيت ووضعت رأسي على الطاولة .. أحاط بدر خصري دون كلمة.. أظنه تعب معي.. حتى أصبح عاجزا عن الكلام.. ذهب إلى المطبخ بشقته.. عاد وبيده قهوه أعدها بنفسه.. أعطاني إيها صامتا.. احتسيت رشفتين.. دعوتني للخروج والمشي معا.. خرجنا من شقتك وأنا أتصل على اليزا لأطمئن على صحة طفلي.. سمعني أنا أكلمها وعرف انها هي فقال لما انتهيت: هذي ما تبي تموت؟؟
ضحكت مع انني للتو أبكي ثم قلت: حرام عليك.. المسكينة تخدمني ..
- انا نفسي اعرف اش مقعدها معك.. استاجر لك عندها معاذ الله يرحمه قبل سنه .. اش خلاها تترك بيتها وتسكن معك..
- ما قلت لك.. هي باعت بيتها.. وجت هنا تسكن معي وتخدمني كمان..
- عز الله اللي ما طبيت بيتك أبد..
...........................
جلسنا بالمطعم متقابلان.. ظللنا نسترق النظر لبعضنا البعض.. كنت أعرف ما ستتكلم عنه.. أصبحت خجلة منك أكثر من أي وقت مضى.. أتى النادل.. فطلبت لنا العصائر.. سألتني تقول: "أنا رجال ولا لا..
تبسمت ثم قلت: طبعا رجال يا بدر..
بدر بمكر: زين أنا مالي عينك..
- طيب كمل.. أسمعك..
- سالي انتي تثقين فيني..
- انت عارف جوابي من قبل لا تسأل..
- انتي عاجبك وضعنا مع بعض؟؟ ..
- لا والله مو عاجبني..
- اش اللي مو عاجبك بالضبط؟؟
- انني معذبتك معي.. انني مو قادرة أسعدك.. بالعربي.. انت تحب وحده ما تنفع تصير زوجتك..
- ليش انتي حاطه هالحواجز..
- أهلي ما رح يوافقون أتزوجك.. انت ليش رافض تفهم..
- وأنا أهلي مستحيل يوافقون أتزوج وحده بالغربة ما يعرفونها.. يعني أنا مثلي مثلك..
- اش تبغى توصل له يا بدر..؟؟
- يا سالي أنا وانتي اللي بنتزوج.. مو أهلنا..
- ذنبنا ان أهلنا شرقيين..
- اذا تبغين سعادتنا حطي يدك بيدي.. اذا ساعدتيني كل شي بينحل..
- مافي حل يا بدر.. لا تحاول..
- نتزوج.. ونعيش هنا كل العمر..
- ما رح تقدر تتحمل يا بدر.. انت جسمك هنا وروحك في السعودية..
- يعني انتي اللي بتتحملين تعيشين هنا كل العمر.؟؟
- يا بدر انا العيشة هناك تقتلني بس هنا انا بجنة.. ما رح تحس بها الشي الا لو كنت مكاني.. بعدين قول لي.. رح تقدر تسمع ان امك مريضة وما تروح السعودية.. رح يتوفى أبوك لا قدر الله وما تحضر جنازته عشاني.. لو صار شي بأخوانك.. وأهلك محتاجينك.. بتخليهم وتقعد هنا معي.. لو فلسوا مثلا وشحذوا بالشارع رح تتركهم عشاني.. فكر بعقل يا بدر..
- ليش تفترضين أمور سيئة..
- أبي أبين لك انك مالك غنى عن أهلك.. أصلا ما أرضى تسوي فيهم كذا.. عشاني.. جاوبني بصراحه.. لو حصلت هالظروف..بتترك الدنيا عشاني؟؟
- آآآه.. يا سالي..
- كانت بتهون لو أهلك بيقبلون.. لكن الكل بيقول.. رمت نفسها على ولدنا وما نعرف واش أصلها..
- أهلي رح يقبلون لو خطبتك من أهلك خطبة رسمية..
- هذا الحل الوحيد اللي يرضيني.. بس انت تعرف أهلي زين..
..................................................................................
كنت أستلقي بجانب طفلي المريض على السرير.. لما كان د/توماس يقوم بتشخيصه.. كان يداعب ابني وكأنه جليس أطفال.. شدني منظر د/توماس لما قام بطرد الممرضة لأنها لا تشتغل بحماس.. وقال زاجرا لها: أن لا تشتغل معه مرة أخرى.. وقال على سبيل الاستهزاء.. إذهبي إلى د/ داني أو أي أحد يتحمل كسلك.. بينما سرح بي الخيال إلى مستشفى محايل النازف.. تذكرت المسن الذي أعطته الممرضة إبرة طلق وتوفى بالحال.. وتذكرت المرأة التي ضربتها طبيبة الولادة بأسلاك المغذية لأنها تصرخ.. آلاف الضحايا بعسير النازف.. وهنا تطرد الممرضة لأنها كسولة..
ابتسمت خجلة لأن الطبيب توماس يكلمني لمدة وأنا مع عالم غير عالمه.. قال لي بعد أن لمعت عينيه الزرقاوين كأشعه ليزرية: "يبدو أنك حنونة كثيرا.. تنظرين إلى الممرضة بشفقة.."
ضحكت دون أن أعلق بكلمة.. فأضاف: "هؤلاء الممرضات لا يستحقون الرحمة.. أي غلطة تقوم بها قد تقضي على المريض.. والطبيب هو المسئول في النهاية .. "
تمتمت مع نفسي:" لا أحد مسئول في عسير النازف"
ضغط الدكتور تحت عيني يقول: يبدو أنك تفكرين كثيرا.. عينيك بها حزن..
ابتسمت: الدنيا مليئة بالمشاكل..
نظرإلى أصابعي ثم قال: أنتي غير متزوجة.. أليس كذلك!!
قلت بأسى: أنا أرملة..
كان د/توماس قد انتهى من التشخيص ولم يتبقى إلا أن أذهب لأشتري الدواء.. حملت ابني بينما ضل محدقا بي حتى خرجت..
..........................................
لبست فستاني الأسود.. وضعت أحمر الشفاه الصارخ.. رسمت الكحل الثقيل لأبدو كفتاة عربية.. تركت طفلي ينام.. واستغليت ذهاب إليزا لحضور جنازة إحدى صديقاتها.. اتصلت على بدر ليأتي فرفض.. حاولت معه وأخبرته أن إليزا غير موجوده لكن رفض إلا أن يقابلني على الكراسي في حديقة منزلي.. أتى بوجه عبوس.. عينيه مليئة بالأسى.. ظل واقفا امامي.. لم يعانقني ككل مرة.. ظننت أنني لم أعجبه.. قدمت العصير على الطاولة وقلت: أجلس.. اشرب عصيرك..
جلس على الكرسي وتنهد يقول: ما رح أشرب شي..ما لي نفس..
ابتسمت: بس أنا مسويته..
أخذ رشفه من العصير يقول: من حبيتك ما ذقت للأكل حلا.. ولا عرفت طعم النوم.. كل اللي أعرفه أن المهدئات ماليه البيت..
ـ يا حبيبي..
التفت تجاهي وتأملني وقال: انتي حلوه كثير يا سالي..بس حسافه بأرجع السعودية وما رح أشوف هالجمال مرة ثانية..
ـ بتسافر؟؟
ـ يمكن أقدر أنساك..
ـ تبغى تنساني.. .. ..
قاطعني يقول : وانتي حاولي تنسيني..
سكتت.. كنت متأكدة أن هذا اليوم سيأتي.. لكن مرت الأيام سريعا .. أسرع مما تخيلت.. لا أعرف لماذا انصدمت .. مع اني كنت سأقول له نفس الكلام.. ربما سماع الصدمة من شخص عزيز أقوى من قولها.. مسكين يا بدر.. كم آلمتك بكلامي.. قلت ودموعي تقطر دون سيطرة مني:
ـ صدقني بأكون فرحانه لك.. ارجع ليسرا.. واسكن مع أهلك.. ورح تصير أمورك تمام..
ـ معقولة حبيبتي تقول لي سافر.. وارجع لحرمة غيري..؟؟ كل الحريم يفكرون بعواطفهم إلا انتي.. تصدقين.. انتي تفكرين بعقل أحسن مني..
ـ الله يخليك ..كفاية ..
سالت دموعي.. امتلأ وجهي بسواد الكحل.. لم أعد أرى أي شي.. كان بدر يمسك بمنديل.. ويمسح دموعي.. ويقول بخفة دمه المعتادة: طلعتي بنت ايمو وأنا مدري..
...................................................................................
رحلة العذاب.. أجل رحلتي عذاب كما أسميتها.. رفضت أن أودعك يا بدر .. وأرسلت لك رسالة بأن تسافر دون أن تخبرني بموعد سفرك وأن لا تأتي لموادعتي.. أرسلتها وأنا أنزف ألما.. ليلة أخبرتني.. من أسوأ ليالي عمري.. جعلتني أكره يوم الأحد .. بكيت حتى الصباح.. فتحت نافذة غرفتي.. رأيت نافذة غرفتك مغلقة.. كنت أخمن إن كنت سافرت.. أو لا..لفت انتباهي تلك اللافتة معلقة بالباب: للإيجار..
تذكرت رسالته التي كتب فيها: "أريد أن تكوني آخر وجه أراه قبل ركوب الطائرة.. " رن جرس المنزل.. ركضت سريعا واصطدمت بإليزا.. التي منعتني من فتح الباب.. وسألتني عن الخطوط الزرقاء والحمراء بصدري.. نبهتني لها.. لم أكترث فالجرس يرن أكثر وأكثر.. فتحت الباب.. بعد أن كاد قلبي يقفز.. لكن الصدمة.. أن الدكتور توماس.. هو من يطرق الباب..
...............................................
لم أقتنع بأن توماس أتى إلى منزلي بالخطأ.. رأيت في عينيه الكذب.. لكن إليزا تقول أن الأخطاء تحصل دائما.. وأن الرجل الغربي لا يجيد الحيل.. فلو كان يقصد رؤيتي لقالها مباشرة وبشكل صريح كعادة الرجال الغربيين.. لم أكترث.. لكن بدأت أشعر بالخوف.. فمن بعد حادثة معاذ أصبحت لدي فوبيا من الكنديين.. خصوصا أن بدر لم يعد المسئول عن حمايتي..
سرعان ما نسيت الموضوع.. وعادت ذاكرتي إلى من تحب.. هطلت دموعي بغزارة.. أكثر من ليلة البارحة..لدرجة أنني أصبحت عدوانية.. تهدئني إليزا.. فأصرخ وأصرخ.. في كل مرة أحاول النسيان تتجدد ذاكرتي.. لأتذكر كل كلمة وكل موقف جمعنا.. أتذكر عندما تضمني إليزا إلى صدرها.. كنت أتأوه وكأنها تضغط على موضع الألم.. لم أستطع التحمل.. ولم أعد أعي ما يحصل..أتذكر أشياء بسيطة حينها.. بكاء إليزا.. وإختفاءها.. وتركي وحيدة.. لم أعد أرى من كثرة الدموع.. حتى صوتي لم
يعد مسموعا..لكن حاسة اللمس.. مازالت موجودة.. فقد عرفت دفئ يديك يا بدر مجرد أن ضغطت على يدي..
تبلل قميصك بدموعي يا بدر.. كنت أرفع رأسي بين الحين والأخرى لأتأكد أنك أنت.. قلت بصوتي المبحوح: لا تروح.. لا تخليني لوحدي..
ـ ما رح أخليك.. بس اهدي..
....................................................................................
كالطفلة التي ترفض أن تنام إلا مع لعبتها.. كنت لعبتي ومهد طفولتي يا بدر.. رفضت أن أنام ولا أن آخذ المهدئ الذي وصفه الطبيب لي.. إلا وأنت معي.. بقيت معي طول الليل.. تظن أنني نمت.. بينما أصارع النوم خوفا من أن ترحل بعيدا عني..
أشرقت الشمس وأنا مستيقظة.. بينما أنت تغفو على السرير يا بدر..راقبتك.. كنت أغفو وسرعان ما أستيقظ لأتأكد انك موجود.. حساسات قلبي تنبأ برحيلك مع أنك وعدتني بأن تبقى..
ولما حانت الساعة الثانية عشر.. استيقظت.. ونظرت إلى الساعة..تمددت.. ثم نهضت إلى الحمام.. وعدت تمسح وجهك بمنشفتي.. نظرت إلى.. وأنا أفتح عيني بصعوبة.. أتيت إلي با بدر وضغطت بأصابعك على صدري وسألتني: وش الألوان اللي بصدرك..
ـ مدري.. طلعت لي من يومين..
ـ انتبهت لها.. بس أحسها متهيجة اليوم..
ـ د/ توماس يقول إنها بسبب ضغوطات عصبية ..
ـ من د/توماس..؟؟ اللي قلتي إنه عالج عبودي ولدك..
ـ ايوه..
ـ متى شافها؟؟
ـ أمس..
كنت أرى عينيك ترسل شرار.. شعرت بغيرتك تتفجر منك.. كدت تكسر أظلاع صدري بأصابعك.. أسعفني دخول إليزا.. عندما أتت لتطمئن علي.. دخلت تكفكف دموعها.. وجلست عند قدميك يا بدر.. ترجوك أن لا تفارقني لأنني سأموت.. نظرت إلي تبتسم.. قفزت على السرير وأنت تقول:
ـ كل هذا بسببي..
خجلت ونظرت للأسفل.. فقلت لي ترفع ذقني بيدك: أموت ع الخجول..
أكملت إليزا تقول: لن أمنعك مرة أخرى من القدوم.. سأذهب.. إذا لم تكن ترغب بوجودي.. لكن .. لا أريد أن تتعرض سالي للخطر مرة أخرى..
رفعت إحدى حاجبيك منتصرا ثم قلت لي هامسا: لو أدري ..كان كفرت فيك من زمان.. بس عشان أنحش هالعجوز..
قلت وانت تضحك: بأعيش دور ممثل أمريكي..
قلتها وأنا لا أعرف ماذا تعني.. قفزت وأمسك برقبتي.. ووضعت سبابتك على رأسي وقلت لـإليزا: I will kill her>> If u don’t go out of the house>>
............................................................................
لست أنسى لما جلست بحضنك يا بدر.. على العشب الندي بالحديقة.. وابني يلعب مع إليزا.. حزنت كثيرا على أمي.. كانت تتمنى أن ترى ابني.. بينما ابني يدعو إليزا بـ" grema".. أصبحت جدة عبودي.. السيدة إليزا..
سألتني ذلك اليوم.. لما إليزا تغطي شعرها.. فعلا شيء يدعو للإستغراب.. أخبرتك أنها اعتنقت الإسلام.. ظللت صافنا.. حركتك.. هززتك.. كنت مسلط بصرك علي.. دون أن تعي شيء مما أفعله.. دعوتها.. فأتت.. سألتها:
ـ لما اعتنقتي الإسلام يا إليزا..؟؟
ابتسمت تقول: أريد دخول الجنة..
سألتها: ما السبب؟؟
ـ أنت يا بدر.. وسالي.. لديكم عادات رائعة.. حب الوطن.. احترام الوالدين.. الصدق.. غيرة.. وفاء.. .. وأشياء كثيرة أسألكم عنها.. وإجابتكم واحدة.. دائما تقولون ديننا يأمرنا بها.. دينكم دين الإنسانية.. عمري الذي مضى لا أعتبره عمرا.. عمري بدأ منذ أسلمت..
نظرت إلي .. كنت متعجبا.. قلت لي متأثرا:
ـ سالي.. احنا معاصينا كثير.. أثرنا فيها واحنا ما ندري..
ـ كانت تسألني ع طول.. أكثر شي لما أكون مهمومة وأصلي.. دائما تسأل.. تقول لي تكلمين مين.. يسمعك..
ـ ياه.. يا سالي..
ـ قول الحمد لله..
.........................................................................
إتفقنا على أن لا نفترق.. أن لا يبعدنا إلا الموت.. كنا نتفق بسعادة.. كنت سعيد.. أما أنا فأنزف من الداخل.. لأن قلبي نازف.. تذكرت لما وعدني معاذ أن لا يتزوج غيري.. وأن لا يخونني.. ووفى بوعده.. فمات.. أظنه لو عاش لما تحمل النفاق في علاقة باردة مبنية على المجاملة.. لربما عاش وعاد ليتزوج زينب.. ولنزفت.. لكنني أفضل أن أنزف عليك لا منك..
والآن أنت يعطيني نفس الوعد.. وأنا أخاف عليك من الموت يا بدر.. أخاف عليك من نفسي.. أخاف عليك من حبي.. أخاف عليك من كل شي.. كل شيء..
اتفقنا أن نعود إلى السعودية .. وأن تخطبني من أهلي.. وأن أخبرهم أنني أريدك ولن أن أتزوج غيرك.. إتفقنا على أن أتحداهم.. قلت لي وأنت تقبل جبيني: وأخيرا..
تنهدت وأنا أقول لك: قدامنا صعوبات لازم نتعداها أول.. وبعدين نقول وأخيرا..
قلت لي وأنت تفك زرار قميصك: بس لازم أخلص موضوع يسرا..
ـ أنت لين ألحين ما طلقتها..؟؟
ـ طلقتها.. بس أمي اتصلت تهدد وتتوعد.. تقول لو ما تجي وتراضي بنت الناس لاني أمك ولا تعرفني.. الماما شرقية بقوة..
ـ واش بتسوي.. !!
ـ بأسمع كلامها طبعا..
ـ .. ..
ـ لا تطالعيني كذا.. هذي أمي.. أخاف يصير فيها شي إذا زعلت..
ـ وبعد ما تسمع كلامها..
ـ رح أرجع يسرا.. وأوهمهم إني مسحور.. ورح أطلقها.. وهم كذا بيقتنعون..
ـ أخاف يقولون أني أنا ساحرتك..
ـ حاسب حساب هالكلام.. ناوي أقولهم إن هم المرة الأولى خطبولي.. وهالمرة أنا اللي بأخطب بنفسي..
ـ حبيبي شاطر ما ينخاف عليه..
ـ اضحكي .. جعلها يا رب دوم هالضحكة..
..............................................................................
ليلة أنا ذاهبة معك إلى المطار.. كانت رحلتك الساعة 7 .. رفضت أخذي المطار.. خوفا علي من الخروج في المساء.. كنت أقف أمام منزلي.. وأنت يا بدر أمامي.. حقيبتك بيد.. ويدك الأخرى بيدي.. ثم على خصري.. شددتني إليك وأنت تحاول إقناعي.. ترقرقت دمعتين من عيني فرميت حقيبتك أرضا ومسحت دموعي بيديك القوية.. ثم قلت:
ـ يا كثر ما بكت هالعيون.. يله امشي معي..
عرضت عليك توصيلك بسيارتي.. فرفضت وقلت:
ـ أنا تسوق فيني بنت..
مع أنني أكره مقارنة البنت بالولد.. والتي دائما يتكلم فيها السعوديين.. إلا أنني لم أناقشك فيها.. لأنك ستسافر.. أخذت المفتاح من يدي.. ووضعت حقيبتك في السيارة.. ركبنا.. ونحن في الطريق.. كنت صامتة.. طرى على بالي أخي ابراهيم.. الذي تسبب في منعي من السفر.. تذكرت مرض الغيرة الذي يكاد يقتله.. تذكرت لما كان يأخذني من الجامعة.. كان يأمرني بالإختباء في المرتبة الخلفية كي لا يراه زملاءه.. ظننت حينها أنني عار عليه.. كان يلقي علي بأنواع الشتاءم إذا وقعت في الشارع.. حتى لما وقعت وانكسرت رجلي.. شتمني.. جرني بقوة حتى تضاعف الكسر.. أتذكر أن أبي لم ينطق بكلمة.. لكن يمهل ولا يهمل.. ألقاه الله بين يدي زوجة لا ترحمه.. وداست على أنفه.. كنت أضحك ملئ شدقي.. وأقول بقلبي: "ماذا سيكون موقفك لو رأيتني يا إبراهيم بين أحضان بدر.."
..............................
في المطار.. كم أكره الوداع.. لكنه كان هينا لأنك ستعود يا بدر.. ستعود وسأكون بانتظارك.. مشيت معك.. وقلبي يتدفق حزنا.. حقا.. هذه اللحظة قمة نزيف قلبي.. أنزف بلا حدود.. لكن لا جديد.. هو قدري.. أن أنزف حتى آخر لحظة..
آه يا لحظاتي النازفة.. عندما حانت اللحظة الحاسمة.. ضغطت على كتفي.. تقول: اتفقنا ما في دموع..ولا صراخ..
كنت ابتسم بصمت.. كنت أحبس دموعي ونزيفي بداخلي.. كي لا تسافر وأنت موجوع مني..
تخللت أصابعك بأصابعي.. ضغطت عليها تقول: بنلتقي.. ان شاء الله
قلت هامسة: ان شاء الله..
ملت نحوي يا بدر.. ملت ومال حنانك معك.. عانقتني.. كان رأسي يصل إلى بطنك.. كنت كـ إبنتك تماما.. وكعادتك.. تحملني في كل مرة.. وأنت تقول:
ـ أحب ريحة شعرك..
أجبتك : أعشق رائحة عطرك..
رفعتني عاليا ثم أنزلتني.. وقد جذبنا الأنظار علينا..ثم أخرجت عطرك.. وأعطيتني إياه.. فككت شالي الذي على رقبتي.. وربطته على يدك.. قبلتني على الوجنتين .. ثم تراجعت إلى الوراء.. وهتفت بيدك.. أرسلت لي القبلات.. ورحلت..
.....................................................................................
رحيلك مؤلم.. لكن ليس بالحد الذي توقعته.. باللحظة التي قدت فيها
السيارة لأعود.. كنت في قمة الخوف.. يجب أن أصل قبل أن يبدأ الليل حقا.. فلو حصل لي أي مكروه.. الشرطة الكندية لن تكون مسئولة عني..
أقود السيارة ضاحكة بعد أن علمني بدر.. علمتني كل شي يا بدر.. لو تعرف يا إبراهيم.. أتمنى لو أراك لأشمت .. مع أن الشماتة ليست من طبعي..
توقفت أمام منزلي.. وإليزا بانتظاري وابني معها.. أتاني يركض.. ضممته.. استغربت أنه لم ينم.. أغلقت السيارة.. ودخلت المنزل..وأنا أحمل ابني..
وجدت صورة معاذ.. بيدي ابني.. تأملتها.. سألته عنها :
ـ مين هذا يا حبيبي..؟؟
هز عبودي كتفيه.. ثم قال بعد إصرار مني:
ـ لدال (رجال)..
ـ مين الرجال هذا؟؟
هز كتفيه مرة أخرى.. مسيكن يا عبد المجيد.. لا تعرف معنى كلمة بابا..
.......................................................................
حصلت على أموال كثيرة بعد لوحاتي.. حاولت إشغال نفسي كي لا أشعر بفراقك يا بدر.. طبعت رواياتي التي رفضت كل المطابع ودور النشر طبعا احتجاجا بأن اسمي غير معروف..كم عذبتي رواياتي..
حتى الكتاب الذين تعاملت معهم .. رفضوا الإدلاء حتى ولو برأي عن كيفية عمل ذلك .. أذكر أنني أرسلت رسالة إيميل لأحد الكتاب قبل أن أقوم بطباعة أول رواية لي والتي طبعتها بعد أن جمعت مكافئاتي التي أحصل عليها من الجامعة.. ولم يجب على رسالتي إلا بعد ستة أشهر.. كنت حينها قد وزعت روايتي على بعض المكتبات..
بـ سعير النازف.. عفوا .. أعني عسير.. بل مملكة القلب النازف.. الرواية تعتمد على مال المؤلف ولو كان يكتب انحطاطا أخلاقيا.. على قدر ميزانية الكاتب يكون مشهورا..
وال7مؤسسات تنتهز الفرصة هي الأخرى.. ترفض التوزيع إلا ما سيحقق لها ربح مالي كبير..
أسماني نادي أبها الأدبي .. أديبتنا الصغيرة.. كنت أصغر أديبة.. كتبت من في الـ15 من عمري.. وقوبلت بالإهمال والتحطيم..
فخري بنفسي لم يعادله أي شيء لم قال لي ديفيد المسئول عن ترجمة رواياتي وطباعتها أنه لو علم بذلك لأدخلني مجموعة "جينيس" ..
ضحكت في وجه ديفيد لما قال لي: أنا المدير لعام لشركة التوزيع..
تذكرت حسين الذي تعاملت معه إلا أن عملي معه فشل.. ظل يغازلني.. يضحك معي.. قرأ روايتي.. وأرسل لي التعليق مع أنني لم أطلب منه إلا من باب المجاملة لما قال لي أنه سيقرأها..كنت
أنطق بكلمة واحده يضحك بهستيريا.. شككت في أمره..صار يتصل في ساعات متأخرة من الليل.. سبب لي مشاكل مع إبراهيم المريض..
شباب الجنوب كلهم هكذا.. حتى لما قمت بعمل أول معرض لي.. كان افتتاح المعرض بالنسبة لي.. بداية لموسم الـ مغازلة.. يتصل الجميع على رقمي بحجة الرغبة في شراء اللوحات.. والنتيجة أنهم وجيه متعددة لعملة حسين.. أتذكر لما قالت لي وردة : تغازلين شيعي مرة وحدة..
مما أشعرني بالخوف.. خشيت من كونه يريد الانتقام مني لأنني سنية..
الفتاة في الجنوب لا يمكن أن تحصل على حب عفيف..لكن الباحثون عن الحرام كثير..
.....................................................................................
عشت على جرعات الحياة التي تبعثها لي يا بدر بين الحين والآخر.. عشت على اتصالاتك التي أدخل معها عالم آخر.. لكن لما انقطعت عني فترة طويلة ولم تعد تجب على اتصالاتي.. شعرت أن البعيد عن العين بعيد عن القلب مثل صحيح..
في كل مرة أفكر بالعودة إلى السعودية.. أخاف من ردة فعل أهلي.. أخاف من انتظاري لبدر أن يضيع سدى.. بعد بدر جعلني أهمل عواطفي وأفكر بعقلي.. بمجرد أن أفكر في أنني سأمضي عمري هنا وهناك.. بدون زواج فقط لأربي ابني.. أتألم كثيرا على حالي..
هنا بكندا.. قد أستطيع الزواج بكندي مسلم.. لكن هناك لن أستطيع الزواج إلا من أخ معاذ.. وبدون زواج لن أتحمل زوجة ابراهيم ولا حتى ابراهيم نفسه ان لم يكن والدي على قيد الحياة.. وإن وفى بدر بوعده وتزوجني فسيأخذون ابني مني.. آه على قلب نزف حتى نفذ دمه..
ولدي أصبح في سيبدأ في الرابعة من عمره.. ربيته أحسن تربية.. لكنه نشأ شقيا قاسيا.. لابد من وجود أب.. وأنا لم أعد أحتمل بقائي وحيدة..
كتبت لك يا بدر وكلي أمل بأن يكون انقطاعك بسبب الظروف.. لا سبب آخر.. كتبت لك بقلب نازف:
عد إلي حبيبي.. لا تخجل مني
عد إلى قلب هادئ يحتوي نبضاتك
عد إلى موسيقى نحن عزفناها
عد.. واسحق كبرياءك
عد لنحيا من جديد..
عد وامسح قطرات قلبي النازف
عد إلي كي أعود لحياتي
...................
أحبك وأنت معي
أحبك رغم جفائك
أحبك حتى بعد أن رحلت
أحبك حتى إن لم تعد
.....
حروفي شهود وفائي
وقصيدي حكاية حبي
تمنيت وليت الأماني تتحقق
وكتبت وعشت مع أحلامي
وجدتني أرسل خواطر نفسي إليك
لأثبت لك أثرا محته الأيام
ولأغفر لك إن محوت مع الأيام آثاري وذكرياتي..
.......................................................................
لم أفكر يوما بالعودة إلى أرض الوطن.. دوما أنشغل حتى بالتفكير فيه.. تتطبعت بعادات الكنديين.. أصحو لأتناول قهوتي ثم أقرأ الأخبار.. أمشي قليلا الصبح.. وأعود لأتناول وجبة الإفطار.. أرسل طفلي إلى تنمية التعليم المبكر..أسهر الليل في حال العمل.. أصبحت أقدر المواعيد.. و أحترم البيئة.. أشياء كثيرة يأمرنا بها ديننا لينفذها هؤلاء الغرب من باب الولاء للوطن..
أتتني إشارات القدر التي لم أفهمها ولم أعطي نفسي فرصة للتفكر فيها.. لكن الإشارة ه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://heartoflove.7olm.org
 
رواية القلب النازف كاملة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Heart of love :: الاقسام الادبية :: روايات طويلة-
انتقل الى: